الكويت تتجه للاقتراض المحلي

الكويت تتجه للاقتراض المحلي والدولي وسط خطة لإعادة هيكلة التمويل

كتب بواسطة: محمد اسعد |

أعلنت دولة الكويت عودتها إلى الأسواق المالية المحلية والعالمية من أجل اقتراض ما بين 3 إلى 6 مليارات دينار كويتي خلال العام المالي 2025/2026، في خطوة تُعد الأوسع منذ أكثر من ثماني سنوات وتهدف إلى تمويل مشاريع تنموية ورأسمالية كبرى تتعلق بالبنية التحتية والمدن والتعليم والصحة.

وتأتي هذه العودة في إطار تنفيذ المرسوم الخاص بالتمويل والسيولة، الذي يتيح للحكومة اقتراض ما يصل إلى 30 مليار دينار، مع وضع سقف زمني للسداد لا يتجاوز 50 عاماً، بموجب قانون الدين العام الذي تم اعتماده مؤخراً.

وتشكل هذه الخطوة تحولاً لافتاً في السياسة المالية الكويتية بعد توقف استمر قرابة عقد، وتعكس توجهاً استراتيجياً جديداً في كيفية إدارة المالية العامة للدولة، من خلال منح الحكومة أدوات تمويل أكثر مرونة فبحسب ما أعلنته وزارة المالية، يستهدف القانون تسريع وتيرة تنفيذ مشاريع البنية التحتية الأساسية وتحديث القطاعات الحيوية، وهو ما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة والرؤية الوطنية لدولة الكويت.

وكشفت وكيل وزارة المالية، أسيل المنيفي، في مؤتمر صحفي عقدته الوزارة، أن إقرار قانون الدين العام سيكون له "أثر إيجابي" مباشر على الاقتصاد الكويتي، إذ يفتح المجال لتوجيه السيولة نحو المشاريع الرأسمالية المدرجة ضمن الميزانية العامة للدولة خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ويوفر بيئة جاذبة للاستثمارات.

وأكدت المنيفي أن العودة إلى أسواق الدين ليست مجرد خطوة مالية، بل هي جزء من استراتيجية متكاملة لتحفيز البيئة الاقتصادية، إذ تعزز هذه الخطوة من كفاءة النظام المصرفي، وتدفع نحو تحسين تصنيف الكويت الائتماني، الأمر الذي سينعكس بدوره على شروط التمويل، ويسهم في خفض تكلفة الاقتراض على المدى الطويل كما أوضحت أن السيولة التي ستُضخ من خلال الاقتراض ستعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المختلفة في ظل تقلبات الاقتصاد العالمي.

وفي السياق ذاته، شدد فيصل المزيني، مدير إدارة الدين العام في وزارة المالية، على أن عودة الكويت إلى أسواق المال بعد توقف استمر ثماني سنوات تمثل محطة إصلاحية بارزة في تاريخ السياسات المالية للبلاد وأضاف أن القانون الجديد يمنح الحكومة أدوات قوية ومرنة لإدارة الدين العام، ويضع إطاراً قانونياً يعد الأكبر من نوعه، مع سقف اقتراض يصل إلى نحو 92 مليار دولار أميركي، وآجال سداد تمتد حتى نصف قرن.

وأشار المزيني إلى أن وزارة المالية وضعت خطة مرنة وشاملة لدخول الأسواق المحلية والعالمية بثقة، مع التركيز على تأمين أفضل التكاليف التمويلية الممكنة، وتنويع قاعدة المستثمرين جغرافياً ومؤسسياً وأكد أن من بين الركائز الأساسية التي يجري العمل عليها هو تطوير سوق الدين المحلي، من خلال بناء منحنى عائد يمكن استخدامه كمرجع واضح للأسواق والمستثمرين.

وتابع المزيني موضحاً أن القانون يحمل أيضاً رسالة قوية إلى الأسواق المالية العالمية مفادها أن دولة الكويت تنتهج سياسة مالية منضبطة ومبنية على أسس استراتيجية، ما يعزز من ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد الكويتي، ويفتح الباب أمام دخول رؤوس أموال جديدة من الخارج، الأمر الذي قد يسهم في دعم جهود التنويع الاقتصادي.

وتتطلع الحكومة الكويتية إلى أن يسهم هذا التوجه الجديد في تجاوز التحديات المالية التي برزت في السنوات الأخيرة نتيجة تراجع أسعار النفط، المصدر الرئيسي للإيرادات، كما تأمل أن يكون الاقتراض أداةً لتعزيز القدرة على تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى دون المساس بالاحتياطيات السيادية، خاصة في ظل ضغوط الإنفاق العام وتزايد الحاجة إلى تحديث البنية التحتية وتعزيز الخدمات العامة.

من خلال هذه الخطوة، تضع الكويت نفسها على طريق الإصلاح المالي التدريجي مع الحفاظ على استقرارها الاقتصادي، حيث توازن بين تمويل التنمية وتعزيز الثقة في الأسواق، وتوجه رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأنها جادة في تحويل التحديات إلى فرص، عبر أدوات اقتصادية وتشريعية مدروسة، في ظل بيئة عالمية شديدة التغير.