في خطوة لافتة ضمن استراتيجيته التوسعية على المستوى الدولي، أعلن بنك الرياض عن بدء طرح شهادات ائتمان من الشريحة الثانية مقوّمة بالدولار الأميركي، وذلك في إطار برنامجه الدولي لإصدار شهادات ائتمانية، مما يشير إلى تحرك نوعي للبنك نحو تنويع مصادر التمويل وجذب شرائح أوسع من المستثمرين داخل المملكة وخارجها.
وجاء هذا الإعلان من خلال بيان رسمي للبنك نُشر عبر البورصة السعودية "تداول"، حيث أوضح أن تاريخ نهاية الطرح المتوقع سيكون في 8 يوليو 2025، مؤكدًا أن هذا التاريخ يخضع لتقلبات السوق وظروفه، مما يعكس مرونة البنك في التعاطي مع المؤشرات الاقتصادية العالمية والمحلية في وقت حساس من تحركات الأسواق الدولية.
إقرأ ايضاً:
مفاوضات متقدمة وصفقة تقترب من الحسم...الهلال يتحرك بقوة لضم نجم فريق أتلانتابعد فشل أوسيمين وأزمة مالكوم..... الهلال في أزمة وإنزاجي يطلب تدعيمات قوية في الصيفية!وبحسب التفاصيل التي أوردها بنك الرياض، فإن هذا الطرح موجه بشكل حصري إلى فئة المستثمرين المؤهلين، سواء داخل المملكة أو خارجها، وهو ما يعكس رغبة البنك في استقطاب رؤوس أموال ذات طابع مؤسسي وخبرة مالية، لضمان استدامة النمو والتوسع في أدوات الدين التي يتبناها عبر خططه التمويلية بعيدة المدى.
وأكد البنك أن الحد الأدنى للاكتتاب في شهادات الائتمان الجديدة يبلغ 200 ألف دولار أميركي، مع زيادات لاحقة لا تقل عن ألف دولار، وهي أرقام تعكس الطابع المؤسسي للطرح، وتشير إلى استهداف شريحة معينة من المستثمرين القادرين على تحمل مستويات مخاطر أكبر ضمن أدوات الدخل الثابت.
وتم تحديد مدة استحقاق شهادات الائتمان بعشر سنوات، ما يمنحها طابعًا طويل الأجل يعزز من استقرار التدفقات المالية للبنك على المدى الزمني الممتد، مع إمكانية استردادها بعد خمس سنوات من تاريخ الإصدار، وفق ما تنص عليه شروط الطرح الموضحة في المستند الأساسي، الأمر الذي يتيح مرونة لكل من البنك والمستثمرين في إدارة مراكزهم المالية.
ويتضمن الطرح الجديد إمكانية استرداد شهادات الائتمان في حالات محددة، وذلك حسب ما تم تفصيله في مستند الطرح الأساسي المتعلق بهذه الإصدارات، وهو ما يشير إلى تصميم دقيق لعقود الطرح بما يتوافق مع الأطر القانونية والتنظيمية المعمول بها دوليًا ومحليًا.
وفيما يخص إدارة عملية الطرح، أعلن بنك الرياض عن تعيين مجموعة من كبار المؤسسات المالية العالمية كمديرين للاكتتاب، ويشمل ذلك بنك دي بي إس إل تي دي، وجي بي مورغان سيكيوريتيز بي إل سي، وبنك إتش إس بي سي بي إل سي، وشركة ميريل لينش الدولية، إضافة إلى شركة ميزوهو الدولية، وشركة الرياض المالية، وبنك إس إم بي سي إنترناشونال بي إل سي، وبنك ستاندرد تشارترد، في خطوة تؤكد الثقة الدولية في الملاءة المالية للبنك.
ويعكس اختيار هذه الكوكبة من مديري الاكتتاب العالميين رغبة بنك الرياض في الوصول إلى قاعدة واسعة من المستثمرين الدوليين، إضافة إلى توفير إشراف احترافي على مراحل الاكتتاب والتسويق، بما يضمن نجاح عملية الطرح وتحقيق أفضل النتائج المرجوة في ظل التحديات التي تواجه أسواق المال العالمية.
ويأتي هذا الطرح في وقت تشهد فيه أسواق الدين نمواً ملحوظاً على مستوى منطقة الخليج، حيث تسعى البنوك الكبرى في المملكة العربية السعودية إلى تنويع أدوات التمويل واستغلال البيئة الاستثمارية المتفائلة، خاصة مع تزايد الاهتمام الدولي بالفرص التي توفرها السوق السعودية نتيجة للإصلاحات الاقتصادية المستمرة.
والجدير بالذكر أن بنك الرياض كان قد أعلن في الثالث من يوليو الجاري عن نيّته المسبقة لطرح شهادات ائتمان مقوّمة بالدولار، ضمن برنامجه الدولي لإصدار شهادات الائتمان، وهو ما مهّد الطريق لهذا الطرح الرسمي، في إطار رؤية استباقية مدروسة ترتكز على التوسع المالي وزيادة أدوات الدين الثانوية ضمن قاعدة رأس المال.
وتُعد شهادات الائتمان من الشريحة الثانية أحد أهم أدوات تعزيز قاعدة رأس المال لدى البنوك، كونها تُحسب ضمن رأس المال التنظيمي الذي تطلبه الجهات الرقابية، مما يمنح بنك الرياض مساحة أكبر في تنفيذ استراتيجياته التوسعية مع الالتزام بالمتطلبات الرقابية المرتبطة بكفاية رأس المال.
وتزامن طرح هذه الشهادات مع تحسن مؤشرات الاقتصاد السعودي وتزايد ثقة المستثمرين العالميين في القطاع المصرفي المحلي، وهو ما يزيد من فرص نجاح الطرح وتحقيق تغطية اكتتاب مرتفعة، خصوصاً في ظل استقرار سعر صرف الريال السعودي المرتبط بالدولار، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالتقلبات العملة.
0ويمثّل هذا الإصدار امتدادًا لسلسلة من الخطوات المدروسة التي يقوم بها بنك الرياض لتوسيع نشاطه خارج حدود السوق المحلية، حيث يسعى إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز حضوره في الأسواق المالية العالمية، مع الحفاظ على مكانته كأحد أكبر البنوك في المملكة من حيث الأصول والربحية.
ويُنظر إلى هذه الخطوة أيضًا كتحرك استراتيجي لدعم مشاريع البنك المستقبلية، وتمويل مبادرات التحول الرقمي والتوسع في خدمات التمويل والاستثمار، في انسجام تام مع رؤية المملكة 2030 التي تُشجّع على تطوير أدوات التمويل المبتكرة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص.
وهذا الطرح يعكس في جوهره الثقة المتزايدة في استقرار النظام المالي السعودي، كما يبرز قدرة بنك الرياض على التفاعل مع متغيرات السوق بسرعة ومرونة، بما يضمن تحقيق الأهداف المالية للبنك والمساهمة في تنشيط أدوات الدين المحلية والدولية بشكل عام.
وإذ يراقب المستثمرون المحليون والدوليون تطورات الطرح، فإن الإقبال المتوقع على شهادات الائتمان الجديدة سيحدد إلى حد بعيد اتجاهات السوق في الأشهر المقبلة، خاصة فيما يتعلق بأدوات الدين ذات العوائد الثابتة في بيئة اقتصادية تشهد تغيرات متسارعة.
ويبقى السؤال المطروح في الأوساط المالية هو مدى قدرة هذا الطرح على اجتذاب شريحة جديدة من المستثمرين المؤهلين، وما إذا كان سيشكل بداية لموجة جديدة من إصدارات مماثلة من قبل بنوك سعودية أخرى، تسعى إلى تعزيز مكانتها في الأسواق العالمية.