شهد الدوري السعودي للمحترفين في موسمه الأخير تدفقًا غير مسبوق من النجوم، ضمن طفرة تعاقدات لافتة جذبت أنظار العالم، لكن خلف هذا البريق، برزت عدة صفقات لم ترتقِ لتطلعات الجماهير والإدارات، وخلّفت خيبة أمل كبيرة رغم الضجيج الذي رافق الإعلان عنها.
في مقدمة تلك الصفقات جاء لاعب الوسط البرازيلي فابينيو، المنتقل من ليفربول إلى الاتحاد، والذي كان يُنتظر منه أن يقود خط الوسط بصلابة ويمنح الفريق توازنًا تكتيكيًا، إلا أن مستواه كان باهتًا وافتقد للبوصلة في أغلب المباريات، وسط تراجع جماعي في أداء الفريق.
إقرأ ايضاً:
هيمنة سعودية".. ترشيح الأهلي والهلال لجائزة الأفضل وتكريم استثنائي ينتظر الزعيم حتى لو خسرزيادة غير مسبوقة ... "هيئة المراجعين والمحاسبين" تضاعف التراخيص المهنية بنسبة 126%!أما الإسباني خوانمي الذي تعاقد معه الاتفاق، فقد خذل أنصار الفريق بعد موسم باهت لم يسجل فيه أي تأثير يُذكر، رغم أنه جاء من تجربة مميزة في الليغا، بدا كأنه خارج السياق، غير قادر على التأقلم مع طبيعة اللعب السريع و الالتحامات البدنية.
ولا يمكن إغفال تجربة السنغالي إدواردو ميندي، الحارس الذي كان يعوّل عليه الاتحاد كصمام أمان في الخلف، غير أن مستوياته كانت مليئة بالأخطاء القاتلة، وأظهر ترددًا واضحًا في الكرات الهوائية، ما جعله محل انتقادات واسعة في أكثر من مناسبة حاسمة.
كما فشل المهاجم موسى ماريغا، الذي انتقل إلى ضمك قادمًا من الهلال، في إثبات ذاته رغم معرفة سابقة بالدوري، لم يقدم الإضافة المنتظرة، وغاب عن التسجيل في فترات طويلة، وهو ما دفع الإدارة لإبعاده قبل نهاية الموسم في خطوة لم تكن مفاجئة للجماهير.
وتُعد صفقة الفرنسي جوردان فيرتو مع النصر واحدة من أكبر علامات الاستفهام، حيث رافقها ضجيج إعلامي كبير، لكن مردوده داخل الملعب لم يرتقِ لمستوى نجم يُفترض أنه جاء لتعويض فراغات كبيرة في الوسط، لم يكن مؤثرًا في التحولات، ولا حاضرًا في اللحظات الحاسمة.
الجماهير السعودية التي تابعت هذه الصفقات عن كثب، كانت تأمل أن تشاهد بصمات أوروبية حقيقية داخل الملاعب المحلية، لكن الصدمة جاءت مضاعفة حين تبين أن بعض الأسماء جاءت فقط بأمجاد الماضي دون جاهزية فعلية.
وساهم ضعف التأقلم، وربما تراجع الدوافع لدى بعض اللاعبين، في تضخيم خيبة الأمل، إذ ظهر أكثر من نجم عالمي وهو يفتقد للجدية في التدريبات والمباريات، وكأنهم لم يأتوا من أجل مشروع رياضي حقيقي، بل فقط لعوائد مالية.
في المقابل، أبدت بعض الإدارات ندمها الضمني على اختيارات لم تكن مدروسة جيدًا، حيث لم تراعِ الجاهزية البدنية، أو ملاءمة اللاعب لأسلوب الفريق، مما جعل بعض التعاقدات تنتهي سريعًا إما بالإعارة أو بفسخ العقود.
وأشارت تقارير إلى أن بعض الصفقات تمّت بتوصيات خارجية أو بدافع استعراض الأسماء، دون النظر الحقيقي للفراغات التكتيكية التي تحتاج إلى حلول، النتيجة كانت إنفاقًا ضخمًا بلا مردود ملموس داخل أرض الملعب.
ورغم أن التوقعات كانت مرتفعة لموسم استثنائي على كل الأصعدة، إلا أن وجود هذا الكم من الصفقات المخيبة كشف الحاجة إلى تقييم أدق واستراتيجيات تعاقد أكثر حذرًا، خاصة وأن سقف الطموحات الجماهيري ارتفع كثيرًا مع بروز أسماء مثل رونالدو وبنزيما.
ويرى متابعون أن الفشل في التعاقدات لا يُقاس فقط بالأرقام أو دقائق اللعب، بل بالانسجام مع الفريق، وتأثير اللاعب في صناعة الفارق، وفي هذا المعيار تحديدًا، لم يُظهر بعض النجوم ما يبرر الهالة التي صاحبت قدومهم.
ويبدو أن الأندية السعودية، رغم النجاحات الكبيرة التي حققتها في ملفات أخرى، لا تزال بحاجة إلى غربلة فنية أعمق، وضبط بوصلتها نحو عناصر لا تمتلك فقط الاسم، بل الشغف والرغبة في ترك بصمة داخل ملاعب مليئة بالحماس.
ومع فتح سوق الانتقالات الصيفي الجديد، بدأت بالفعل تحركات لتصحيح المسار، وإعادة النظر في منهجية التعاقدات، وسط إدراك متزايد بأن الجماهير لم تعد تكتفي بالأسماء، بل تنتظر أداءً يُحدث الفارق منذ الدقيقة الأولى.