بدأت أمانة العاصمة المقدسة في تنفيذ مشروع واسع لتركيب لوحات تعريفية للشوارع في مخططات ولي العهد، ضمن خطة متكاملة تهدف إلى تحسين المشهد الحضري وتيسير الحركة داخل الأحياء الحديثة، وشهدت المرحلة الأولى انطلاقة ميدانية نشطة، شملت تركيب اللوحات في مواقع حيوية وفق خرائط مدروسة بعناية.
المشروع يمثل خطوة نوعية لتعزيز الهوية البصرية للأحياء الجديدة، حيث لا تقتصر اللوحات على الأرقام فحسب، بل تتضمن أسماء مستوحاة من رموز تاريخية بارزة، تم اختيارها بعناية لتعكس البعد الحضاري والروحي لمكة المكرمة.
إقرأ ايضاً:
"تحرك جديد ومفاجئ".. الهلال يقترب من حسم صفقة مهاجمه الجديدهيمنة سعودية".. ترشيح الأهلي والهلال لجائزة الأفضل وتكريم استثنائي ينتظر الزعيم حتى لو خسروجاء اختيار الأسماء بعد دراسة دقيقة شارك فيها متخصصون في التاريخ والتراث والثقافة الإسلامية، بهدف توثيق أسماء تركت بصمة خالدة في وجدان الأمة، وتحويلها إلى جزء من ذاكرة المكان وسياقه العمراني الجديد.
ويُعد هذا التوجه امتدادًا لرؤية مكة كمصدر للإلهام الروحي والحضاري، حيث تسعى الأمانة إلى جعل الأحياء الجديدة امتدادًا طبيعيًا لتاريخ المدينة، لا مجرد تجمعات سكنية حديثة بلا هوية.
في المخطط العام للمشروع، يتم دمج الطابع الجمالي مع الوظيفة الإرشادية، بحيث تكون اللوحات مصممة بتقنيات عالية الوضوح، وتراعي التناسق مع الطابع المعماري للأحياء، بما يعزز من جمالية المكان وسهولة التنقل داخله.
كما أشارت الأمانة إلى أن هذه المبادرة تأتي في إطار برنامج تحسين المشهد الحضري، وهو أحد مسارات برنامج جودة الحياة، الذي يستهدف رفع مستوى الخدمات البلدية وتعزيز التفاعل الإنساني مع البيئة الحضرية.
المشروع لا يقتصر على تركيب اللوحات فحسب، بل يتضمن أيضًا مراجعة دقيقة لتوزيع الشوارع، وتحديث خرائط الترقيم بما يتوافق مع التوسع العمراني والنمو السكاني المتسارع الذي تشهده مكة.
ويُتوقع أن يسهم هذا المشروع في تسهيل عمل الجهات الخدمية والإسعافية، من خلال توفير معلومات دقيقة وواضحة عن المواقع، مما يقلل من زمن الاستجابة في الحالات الطارئة ويحسّن من مستوى كفاءة الخدمات العامة.
وقد أعرب عدد من السكان عن ارتياحهم لهذه الخطوة، مؤكدين أن الأسماء التاريخية تمنح الأحياء طابعًا مميزًا وتُسهّل على الزوار والوافدين تذكّر المواقع والتنقل بينها بسهولة، مقارنة بالأرقام المجردة التي كانت تُستخدم سابقًا.
وشددت الأمانة على أهمية دور المجتمع في إنجاح هذه المبادرة، داعية السكان إلى التعاون في الحفاظ على اللوحات وعدم العبث بها، باعتبارها جزءًا من المرافق العامة التي تخدم الجميع وتُعبّر عن رقي المجتمع ووعيه.
وتعمل فرق متخصصة على تنفيذ المشروع وفق جدول زمني محدد، لضمان الانتهاء من تركيب اللوحات في جميع أحياء مخططات ولي العهد في الوقت المخطط له، دون التأثير على حركة المرور أو الخدمات القائمة.
الفرق الميدانية تخضع لإشراف مباشر من الإدارة العامة لتنسيق المشاريع في الأمانة، بالتنسيق مع الجهات الأمنية وشركات الخدمات لضمان تنفيذ العمل بأعلى مستويات الجودة والسلامة.
وفي الوقت ذاته، تُخطط الأمانة لتوسيع المبادرة لاحقًا لتشمل مناطق أخرى في العاصمة المقدسة، في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى توحيد النمط البصري للمرافق العامة، وتكريس رمزية المكان بما يليق بمكانة مكة.
ويؤكد مراقبون أن مثل هذه الخطوات تُمثل تحولًا ملموسًا في مفهوم التخطيط الحضري، حيث يُعاد ربط النسيج العمراني بالبعد الثقافي، مما يُعزز من الانتماء والارتباط بالمكان في نفوس السكان والزوار على حد سواء.
وتمثل هذه الجهود مزيجًا ناجحًا بين التخطيط العصري والوفاء للرموز التاريخية، وهي رسالة تؤكد أن التطوير لا يعني الانفصال عن الجذور، بل يمكن للحداثة أن تحمل في طيّاتها أصوات الماضي وروحه.