في ظل سعي المملكة العربية السعودية لتنظيم العلاقات الأسرية وضمان استقرار المجتمع، أصدرت الجهات المختصة تحذيرات واضحة بشأن زواج المسيار، مؤكدة على ضرورة الالتزام بالشروط القانونية التي تضمن حقوق الزوجة والأبناء وتكفل الصفة النظامية للعقود، وهذا التوجه يعكس التزام المملكة المتزايد بإصلاح منظومة الزواج بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية ويعزز حماية حقوق الأفراد، خصوصًا في ظل انتشار بعض الممارسات المخالفة التي يتم فيها تجاوز شروط التوثيق والموافقة القانونية.
تأتي هذه الإجراءات في وقت تشهد فيه المملكة تحولات تشريعية تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة قانونية عادلة ومتوازنة لجميع المواطنين والمقيمين، فقد أعلنت الجهات المعنية عن حزمة عقوبات صارمة تطال كل من يخالف اشتراطات توثيق زواج المسيار، تتضمن غرامات مالية كبيرة قد تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات، بالإضافة إلى إبطال العقد في حال عدم تسجيله عبر المحكمة أو المنصات الإلكترونية المعتمدة، وعلى رأسها منصة "أبشر"، كما تمت الإشارة إلى إمكانية الملاحقة القانونية في حال ثبت أن الزوجة تنازلت عن حقوقها الأساسية مثل المهر أو النفقة.
هذه العقوبات لا تأتي من فراغ، بل تهدف بشكل واضح إلى ضبط العلاقات الزوجية غير التقليدية وضمان عدم استغلالها كوسيلة للتهرب من المسؤوليات الشرعية والقانونية، فزواج المسيار وإن كان جائزًا شرعًا ضمن ضوابط معينة، إلا أن غياب التوثيق أو التنازل غير المشروع عن الحقوق قد يحوله إلى أداة لظلم النساء أو تهديد استقرار الأسرة، ومن هنا يظهر حرص الدولة على تنظيم هذه العقود بوسائل رسمية تمنع التحايل وتحمي كافة الأطراف.
وقد حددت السلطات السعودية عدة شروط لتوثيق زواج المسيار بشكل قانوني، أهمها: التسجيل الرسمي عبر المحكمة أو منصة "أبشر"، وعدم التنازل عن الحقوق الأساسية للزوجة كالنفقة والسكن والمهر، بالإضافة إلى ضرورة وجود شاهدين عدلين وموافقة ولي أمر الزوجة، وهذه الشروط تعكس التكامل بين الضوابط الشرعية والاشتراطات النظامية، وتمنح العقد صفة الاعتراف الكامل من قبل الجهات الرسمية، ما يحمي الزوجين من النزاعات مستقبلاً.
ولأن التوثيق الإلكتروني أصبح عنصرًا أساسيًا في هذه المنظومة، فقد أتاحت الحكومة إمكانية إتمام إجراءات زواج المسيار عبر منصة "أبشر" من خلال خطوات بسيطة تشمل تعبئة البيانات، إرفاق الموافقات المطلوبة، تحديد موعد رسمي لدى المحكمة أو مكتب الأحوال المدنية، ومن ثم إبرام العقد بحضور الشهود أمام القاضي وهذا التوجه يختصر الوقت والجهد، ويعزز من الشفافية في إتمام العقود.
كما أصدرت السلطات توصيات للمقبلين على هذا النوع من الزواج، مشددة على أهمية الالتزام بالإجراءات الرسمية وتجنب التوثيق العشوائي أو غير المعتمد، ونبهت إلى ضرورة الحفاظ على حقوق الزوجة والأبناء وعدم اعتبار زواج المسيار وسيلة للتحلل من المسؤوليات، مؤكدة أن أي إخلال بتلك الشروط قد يعرض الأطراف للمساءلة القانونية.
هذه الإجراءات التنظيمية تعزز من مكانة المرأة داخل المنظومة الأسرية وتضع حدًا لأي ممارسات قد تهدد حقوقها باسم عقود غير موثقة أو مجتزأة، ومن خلال تعزيز التوثيق الإلزامي وإشراك الجهات القضائية، تسعى المملكة لبناء مجتمع أسري قائم على العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، بما يواكب أهداف رؤية 2030 الرامية إلى تعزيز جودة الحياة والعدالة الاجتماعية.
في الختام، فإن زواج المسيار، إذا تم وفق الضوابط الشرعية والنظامية، يظل خيارًا مشروعًا لمن يختارونه، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بأن يكون وسيلة للتهرب من الحقوق أو لتقويض بناء الأسرة، لذلك، فإن التوعية المستمرة والتشريعات الرادعة تظل ضرورة قصوى لضمان أن تبقى هذه العلاقة الزوجية ضمن إطارها الإنساني والشرعي الصحيح.