الحرم المكي

الحرم المكي يشهد تميزًا تطوعيًا بمشاركة 41 جهة

كتب بواسطة: محمد صالح |

شهد المسجد الحرام خلال الفترة الماضية حراكًا تطوعيًا لافتًا يعكس روح التكافل والتعاون في خدمة ضيوف الرحمن، حيث شارك أكثر من أربعة آلاف متطوع في تقديم مختلف أشكال الدعم والخدمات داخل أروقة الحرم المكي وساحاته، وبلغ عدد المشاركين 4192 متطوعًا منضوين تحت مظلة 41 جهة متنوعة بين حكومية وأهلية وغير ربحية، ساهموا جميعًا في إنجاح 32 فرصة تطوعية موزعة على 12 مجالًا تخصصيًا يخدم الزوار والمعتمرين.

وتنوعت المهام التي أُنيطت بالمتطوعين بين الجوانب التنظيمية والصحية والإسعافية، إضافة إلى المساعدة في دفع العربات وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلًا عن أدوار في مجالات الأمن والسلامة والتوعية الاجتماعية والخدمية، وهو ما أضفى طابعًا تكامليًا على الجهود المقدمة، وأسهم في تسهيل حركة الحشود داخل الحرم المكي وتنظيم تدفق الزوار بطريقة حضارية وآمنة.

هذا العمل التطوعي الكبير لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تخطيط وتنسيق بين مختلف الجهات المعنية التي عملت على خلق بيئة خدمية عالية الكفاءة تستند إلى أسس التعاون المجتمعي، ويأتي ذلك ضمن التوجه الوطني الرامي إلى تفعيل دور التطوع كأحد المكونات الأساسية في دعم التنمية المستدامة وخدمة المجتمع، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، والتي تسعى إلى رفع عدد المتطوعين إلى مليون متطوع سنويًا.

وتميز المتطوعون بروح العطاء والانضباط، إذ عملوا ضمن فرق مدربة ومجهزة، وتوزعوا وفق احتياجات الميدان، سواء في الممرات أو في مناطق الطواف والسعي أو في الساحات الخارجية والمراكز الصحية، ما جعل من وجودهم عنصرًا أساسيًا في نجاح العمليات اليومية داخل الحرم، وقد شمل ذلك تقديم المساعدة للحجاج والمعتمرين، والتعامل مع الحالات الطارئة، وتقديم التوجيه والإرشاد بلغات متعددة.

ولم يقتصر تأثير هذا النشاط التطوعي على تحسين الخدمات الميدانية فحسب، بل شكّل أيضًا نموذجًا رائدًا في تعزيز القيم الإسلامية المستمدة من تعاليم الدين الحنيف، كالرحمة والتعاون والإحسان، حيث بدا واضحًا أن المتطوعين ينطلقون من شعور عميق بالمسؤولية الدينية والاجتماعية، ما أضفى طابعًا إنسانيًا راقيًا على أدائهم.

وتبرز هذه المبادرات أيضًا بوصفها أداة فعالة لترسيخ مفهوم المواطنة الفاعلة والانتماء الوطني، إذ تعكس انخراط فئات المجتمع المختلفة في دعم الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما، وتُجسد مفهوم "العمل من أجل الآخر" بما يليق بمكانة المسجد الحرام ومكانة المملكة كراعية للحرمين الشريفين.

وما يميز هذا الجهد أن المتطوعين لم يكونوا فقط من مناطق مكة المكرمة، بل جاؤوا من مناطق متعددة داخل المملكة، مما يعكس الحماس الشعبي والرغبة الوطنية في المساهمة بخدمة الزوار والمعتمرين، وقد تكاملت هذه الجهود مع الخطط التنظيمية التي وضعتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والجهات المساندة، ما ساهم في رفع مستوى الانسيابية والكفاءة التشغيلية خلال ذروة الموسم.

ويُتوقع أن تستمر وتيرة هذا النشاط التطوعي وتتصاعد خلال المواسم القادمة، خصوصًا مع اقتراب موسم الحج، حيث تتهيأ الجهات المعنية إلى توسيع نطاق الفرص التطوعية ورفع جودة التأهيل والتدريب، بما يُتيح لأكبر عدد من المتطوعين الإسهام بفعالية في خدمة أقدس بقاع الأرض، وتأكيد دور المملكة كمركز عالمي للعمل الخيري والتطوعي.