بينما كانت مشاعر الإيمان والرجاء تملأ قلب حاج مصري وصل إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، لم يكن يعلم أن رحلته الإيمانية ستبدأ بلحظة حرجة بين الحياة والموت، فبعد ساعات قليلة من وصوله إلى المملكة، تسلل ألم مفاجئ وشديد إلى صدره، اعتقد في بادئ الأمر أنه نتيجة إرهاق السفر، لكنه سرعان ما اتضح أنه نذير لحالة صحية طارئة استدعت تدخلًا طبيًا عاجلًا أنقذ حياته، وسجّل إحدى قصص الرحمة والنجاة التي ينسجها نظام الرعاية الصحية السعودي خلال موسم الحج.
تعود بداية القصة إلى لحظة خروج الحاج من مطار الملك عبدالعزيز الدولي، حيث بدأ يشعر بتصاعد في حدة الألم، لكنه قرر رغم ذلك المضي قدمًا في أداء العمرة، مدفوعًا بشوق روحي كبير، إلا أن الإعياء الشديد وتواصل الأعراض دفعت طبيب الحملة المرافق له إلى إجراء فحص فوري باستخدام جهاز تخطيط القلب المحمول، الذي كشف عن وجود جلطة قلبية حادة تستدعي تدخلاً طارئًا لا يحتمل التأجيل.
إقرأ ايضاً:الهلال يحسم صفقة المدرب سيموني إنزاغي بعقدٍ تاريخياستعدادًا لعيد الأضحى فرق "وقاء" تلاحق المخالفات في حظائر تبوك!
ولم تمضِ سوى لحظات على اكتشاف الحالة حتى بادر الطبيب بالتواصل مع "الخط الساخن" التابع لمدينة الملك عبدالله الطبية، عضو تجمع مكة المكرمة الصحي، الذي تحرك بسرعة واستجاب على الفور، وجُهزت غرفة القسطرة القلبية على وجه السرعة، ونُقل الحاج إلى المركز تحت إشراف فريق طبي مدرب على أعلى مستوى من الجاهزية للتعامل مع الحالات الطارئة، وهو ما يعكس كفاءة نظام الرعاية العاجلة ضمن النموذج السعودي للرعاية الصحية.
بمجرد وصوله، خضع الحاج لقسطرة قلبية تشخيصية أظهرت وجود انسدادات خطيرة تتطلب تدخلاً جراحيًا فوريًا، وأُجريت له عملية قلب مفتوح دقيقة تضمنت زراعة شريانين رئيسيين وإصلاح الصمام الميترالي، في وقت قياسي ووسط تنسيق طبي محكم بين مختلف الفرق المختصة في المركز، فالعملية التي استمرت ساعات، تمّت بنجاح، وبدأ بعدها الحاج رحلة التعافي وسط رعاية طبية فائقة.
وأوضح تجمع مكة المكرمة الصحي أن رعاية الحاج لم تتوقف عند حدود غرفة العمليات، بل امتدت لما بعدها، حيث تم تزويده بساعة ذكية مرتبطة بنظام الصحة الافتراضي، تتابع حالته الصحية لحظيًا وتُرسل تقارير مستمرة إلى الفرق الطبية المختصة، لضمان استقرار حالته وتمكينه من إكمال مناسك الحج بأمان وطمأنينة، وتُعد هذه التقنية جزءًا من منظومة التحول الرقمي التي تبنتها وزارة الصحة لتطوير مستوى الرعاية خلال مواسم الحج.
الحالة الإنسانية التي نُفذت باحترافية طبية لافتة تُجسد حرص المملكة العربية السعودية على توفير أفضل سبل العناية والرعاية الصحية لضيوف الرحمن، ويُبرز التدخل الناجح المدى الذي وصلت إليه الجاهزية الطبية، حيث تعمل المؤسسات الصحية، وخصوصًا مراكز التخصص المتقدمة مثل مدينة الملك عبدالله الطبية، ضمن منظومة تنسجم مع حجم الحدث وتتناغم مع متطلبات الحج كموسم استثنائي يجمع ملايين الحجاج من مختلف بقاع الأرض.
من جانبهم، عبّر ذوو الحاج عن امتنانهم العميق للمملكة قيادةً وشعبًا، مشيدين بمستوى العناية الفائق الذي حظي به قريبهم، وسرعة التجاوب التي أنقذت حياته، وأكدوا أن ما شاهدوه من رعاية طبية وخدمة إنسانية فاق توقعاتهم، مشيرين إلى أن المملكة لا تكتفي بتنظيم الحج على مستوى الخدمات اللوجستية، بل تقدم نموذجًا يحتذى به في الرعاية الصحية العالمية.
هذه القصة وغيرها من مواقف العطاء تعكس التزام المملكة الثابت برعاية ضيوف الرحمن، وتُبرز في الوقت ذاته كفاءة الكوادر الطبية، والجاهزية الشاملة التي تُميز القطاع الصحي السعودي في تعامله مع موسم الحج، سواء على مستوى الوقاية أو الطوارئ أو الرعاية الممتدة، مما يعزز صورة السعودية كوجهة عالمية للرعاية الصحية المتقدمة، لاسيما في مواسم الذروة الإنسانية والإيمانية.