في تحذير وصفته تقارير عالمية بالخطير والمقلق، تزايدت المخاوف من "وباء إلكتروني" يهدد خصوصية أكثر من 16 مليار مستخدم حول العالم، إثر كشف بيانات تسجيل دخول ضخمة تعود لمستخدمين على منصات تقنية عملاقة مثل "أبل"، و"جوجل"، و"فيسبوك".
هذا يدفع المختصين في أمن المعلومات إلى دق ناقوس الخطر بشأن تصاعد هجمات "سارقي المعلومات" الإلكترونيين، وسط تصعيد عالمي لجرائم الاختراق وبيع البيانات.
إقرأ ايضاً:بعد طول ترقب.. "HONOR" تعلن رسمياً عن توفر هاتفها الجديد في السوق السعودي.. فما هو؟على مساحة 15 مليون متر مربع.. ما هو المشروع "العملاق" الذي سيغير وجه محافظة الأفلاج؟
البيانات التي رُصدت خلال الأشهر الماضية لا تزال محل دراسة وتحقيق، لكنها بلا شك تعكس مدى الانكشاف الرقمي الذي يعانيه مستخدمو الإنترنت حول العالم.
حيث ظهرت قواعد بيانات ضخمة تحتوي على معلومات دخول حساسة، بما في ذلك كلمات المرور، وأسماء المستخدمين، وحتى معلومات متعلقة ببطاقات الدفع ومتصفحات الإنترنت، حسب ما أكده فولوديمير دياتشينكو، الخبير الأمني والمؤسس المشارك لشركة SecurityDiscovery.
وتشير التقارير إلى أن البيانات المُسربة، والتي تضم ما يقارب 16 مليار عملية تسجيل دخول، جُمعت على الأرجح من خلال برامج خبيثة يُطلق عليها "سارقي المعلومات" (Information Stealers)، وهي برمجيات ضارة تستهدف أجهزة المستخدمين لاستخلاص أكبر قدر من البيانات الخاصة، ويتم تمريرها لاحقًا إلى شبكات مظلمة تُستخدم في البيع غير المشروع أو استهداف الحسابات بعمليات اختراق لاحقة.
وبالرغم من أن بعض تلك البيانات قد تكون مكررة أو قديمة، إلا أن حجمها الهائل يثير القلق، خصوصًا مع استخدام هذه المعلومات في حملات تصيّد متقدمة، أو في الوصول إلى أنظمة مالية ومصرفية تابعة لأفراد ومؤسسات.
ويرى دياتشينكو أن هذه الحصيلة لا تمثل سوى "قمة جبل الجليد"، مؤكدًا أن نمط الاختراقات الحالية يشير إلى انتشار منظم ومتسارع لما يشبه "وباء رقمي" عالمي.
سيمون غرين، أحد مسؤولي الأمن السيبراني في شركة Palo Alto Networks، اعتبر أن مثل هذه الأرقام صادمة، لكنها لم تعد غريبة على من يعملون في الخطوط الأمامية لمكافحة الجرائم السيبرانية، موضحًا أن برمجيات سرقة البيانات باتت تتطور بشكل كبير، مما يسمح لها بتجاوز أنظمة الحماية التقليدية، لتتسلل إلى الأجهزة الذكية دون أن تترك آثارًا واضحة في كثير من الأحيان.
وقد سجل العام الجاري عدة حملات اختراق باستخدام هذه البرامج الخبيثة، منها حملة تم رصدها في مارس الماضي من قبل وحدة الأمن السيبراني في شركة مايكروسوفت، والتي أثرت على نحو مليون جهاز حول العالم.
بعد أن تمكن القراصنة من إخفاء البرمجيات داخل تطبيقات مزيفة ورسائل بريد إلكتروني احتيالية ومواقع وهمية تم تصميمها بعناية للإيقاع بالضحايا.
تسعى هذه الهجمات غالبًا لتحقيق أرباح مالية، إذ يلجأ القراصنة إلى بيع المعلومات في أسواق الإنترنت المظلم، أو استغلالها بشكل مباشر عبر سرقة الحسابات البنكية، وسرقة محافظ العملات الرقمية، وارتكاب عمليات انتحال هوية، في وقت باتت فيه الخصوصية الرقمية على المحك، وأصبحت البيانات الشخصية وقودًا لموجات متتالية من الهجمات الممنهجة.
وتبرز أهمية تعزيز الإجراءات الوقائية الشخصية مثل تفعيل المصادقة متعددة العوامل، وتحديث كلمات المرور باستمرار، وتجنّب تحميل التطبيقات المشبوهة، أو النقر على الروابط غير الموثوقة.
وذلك بحسب ما صرح به إسماعيل فالينزويلا، نائب رئيس قسم الأبحاث والتهديدات في شركة Arctic Wolf، الذي شدد على أن كل فرد معرض لأن يكون ضحية عاجلًا أو آجلًا في حال تجاهل الاحتياطات الرقمية.
وسط هذه التحذيرات المتصاعدة، تبدو الحاجة ماسة لتكاتف دولي أكبر بين الحكومات وشركات التكنولوجيا والمستخدمين، لبناء بيئة سيبرانية أكثر أمنًا، وتطوير أنظمة كشف وإنذار مبكر ضد البرمجيات الخبيثة، في معركة باتت تتجاوز الحدود الافتراضية لتلامس الأمن الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي للدول والمؤسسات حول العالم.