في خطوة تنظيمية تهدف إلى تعزيز الشفافية ورفع كفاءة قطاع الأعمال في المملكة، دعت وزارة التجارة جميع المنشآت التجارية التي مضى عام كامل على تاريخ قيدها في السجل التجاري، إلى ضرورة المبادرة بتأكيد بياناتها إلكترونيًا، وذلك خلال مهلة لا تتجاوز 90 يومًا من تاريخ الاستحقاق، محذرة من أن عدم الالتزام قد يؤدي إلى تعليق السجل التجاري والخدمات المرتبطة به.
وتستند هذه الدعوة إلى نظام السجل التجاري ولائحته التنفيذية، حيث ينص النظام على وجوب قيام التاجر بتأكيد بياناته المقيدة في السجل بشكل سنوي، وتحديدًا بعد انقضاء سنة من تاريخ القيد الأول، وهو ما يجعل عملية التأكيد مطلبًا تنظيميًا لضمان استمرار التمتع بالمزايا والخدمات المرتبطة بالتسجيل التجاري.
إقرأ ايضاً:
الهلال يشن هجومًا مبكرًا في الميركاتو .... كيف يُحدث إنزاجي ثورة في الهلال؟!"فابريزيو رومانو" يؤكدها.. "الهلال" يحسم "أضخم" صفقاته الصيفية.. والاتفاق تم مع ميلانوأكدت الوزارة أن هذه الخطوة لا تُعد إجراءً جديدًا، بل هي تطبيق مباشر لما ورد في النظام، مشددة على أن الهدف منها هو ضمان صحة البيانات التجارية وتحديثها باستمرار، بما يعزز الثقة في البيئة الاستثمارية والاقتصادية، ويتيح للجهات المعنية التعامل مع منشآت بياناتها دقيقة ومحدثة.
ويُعد السجل التجاري هوية قانونية أساسية لكل منشأة تجارية، إذ يُمكّنها من ممارسة الأنشطة بشكل نظامي، ويفتح أمامها أبواب التعامل مع القطاعين الحكومي والخاص، والحصول على التراخيص، والتمويل، والتعاقدات التجارية، مما يجعل من دقة بياناته أمرًا بالغ الأهمية للمنشآت.
وأوضحت وزارة التجارة أن التأكيد يتم بشكل إلكتروني عبر البوابة الرسمية للوزارة، مما يسهل على المنشآت إنجاز الإجراء دون الحاجة إلى الحضور الشخصي أو المعاملات الورقية، وهو ما يعكس التحول الرقمي الواسع الذي تشهده الخدمات الحكومية في المملكة في السنوات الأخيرة.
وتشمل عملية تأكيد البيانات مراجعة معلومات المنشأة المدونة في السجل التجاري، مثل العنوان، ورقم الجوال، والبريد الإلكتروني، والأنشطة التجارية، وغيرها من التفاصيل، مع إمكانية تعديل أو تحديث أي بيانات تغيرت خلال العام الماضي، بما يضمن توافقها مع الواقع التشغيلي للمنشأة.
وشددت الوزارة على أن عدم التأكيد خلال الفترة المحددة سيؤدي إلى تعليق قيد المنشأة في السجل التجاري تلقائيًا، مما يترتب عليه تعطيل جميع الخدمات المرتبطة بالسجل، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على العمليات التجارية اليومية لتلك المنشآت، سواء في البيع أو التوريد أو العقود.
ويعني تعليق السجل توقف التعاملات مع عدة جهات، منها البنوك والجهات التمويلية، بالإضافة إلى عدم القدرة على تجديد الرخص أو إصدار شهادات رسمية، الأمر الذي ينعكس سلبًا على استمرارية النشاط التجاري، ويؤثر في السمعة المؤسسية للمنشأة المعنية.
وتسعى الوزارة من خلال هذه الآلية إلى ضبط البيئة التجارية، والتأكد من أن جميع المنشآت العاملة في السوق تمارس نشاطها وفق بيانات محدثة وواقعية، بما يحد من التلاعب أو استخدام سجلات قديمة أو غير نشطة، ويُعزز الثقة بين مختلف الأطراف التجارية.
وتعكس هذه الخطوة التوجه العام للجهات التنظيمية في المملكة نحو تعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع الخاص، في ظل رؤية السعودية 2030 التي تولي اهتمامًا بالغًا بتحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات، ورفع كفاءة القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وكانت وزارة التجارة قد أطلقت في فترات سابقة عدة مبادرات لتحديث بيانات السجلات التجارية، إلا أن تأكيد البيانات بشكل سنوي أصبح اليوم إلزاميًا ومربوطًا بمهلة زمنية واضحة، بما يجعل المنشآت أمام مسؤولية قانونية يجب الالتزام بها لتفادي التعليق والعقوبات النظامية.
كما يُتيح النظام الجديد للجهات الحكومية الأخرى الوصول إلى بيانات المنشآت المحدثة، مما يُسهل التكامل بين الجهات الرقابية والتمويلية والخدمية، ويُسهم في تسريع الإجراءات وتعزيز جودة الخدمات المقدمة لرواد الأعمال والمستثمرين المحليين والدوليين.
وأكد مختصون في شؤون الأعمال أن التأكيد السنوي للبيانات يعزز من مصداقية القطاع التجاري، ويمنع تعارض البيانات أو تضاربها بين الجهات، ويُعطي المستثمرين والشركاء صورة دقيقة عن الكيانات التي يتعاملون معها، مما يرفع من كفاءة السوق المحلي ويعزز ثقة المستثمر الأجنبي.
ومن جانبهم، شدد قانونيون على أهمية التزام المنشآت بهذه التعليمات لتفادي الوقوع تحت طائلة النظام، مشيرين إلى أن تجاهل التأكيد يعرض المنشأة للعقوبات المنصوص عليها، ويعرّضها لتحديات إدارية ومالية قد تعيق استمراريتها.
ودعت وزارة التجارة جميع أصحاب المنشآت إلى عدم التأخر في تأكيد بياناتهم، ومتابعة تواريخ الاستحقاق بدقة، مشيرة إلى أن النظام يتيح تنبيهات تلقائية عبر وسائل الاتصال المسجلة، لتذكير المنشآت قبل انتهاء المهلة المحددة.
ويمثل هذا الإجراء جزءًا من حملة تنظيمية واسعة تقوم بها الوزارة لإعادة هيكلة وتنظيم بيئة السجل التجاري، وذلك بالتزامن مع رقمنة الخدمات الحكومية ودمج قواعد البيانات التجارية مع منظومات وطنية أخرى، بهدف الوصول إلى بيئة أعمال مستدامة ومبنية على أسس نظامية راسخة.
وتحرص الوزارة على أن تكون شريكة للقطاع الخاص في تحقيق النمو والتطور، لكنها في الوقت ذاته تواصل التزامها بفرض الانضباط وتحقيق الالتزام الكامل بالنظم، وهو ما يتطلب تجاوبًا فعّالًا من المنشآت بكافة أحجامها وقطاعاتها.