في تحرك يعكس حرص المملكة على حماية صناعتها الوطنية وتعزيز التنافس العادل في السوق المحلي، دعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية المصانع المحلية إلى التفاعل مع خدمة "بلاغ منافسة غير عادلة" والإبلاغ عن أي واردات أجنبية يُشتبه في أنها تُلحق ضررًا بالصناعة الوطنية أو تنطوي على ممارسات تجارية غير مشروعة مثل الإغراق أو الزيادات المفاجئة في حجم الواردات.
وأكدت الوزارة أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزامات المملكة في منظمة التجارة العالمية، وتهدف إلى تعزيز استقرار القطاع الصناعي المحلي، وضمان تكافؤ الفرص بين المنتجات الوطنية ونظيراتها الأجنبية التي قد تدخل الأسواق السعودية بأسعار غير عادلة نتيجة لدعم خارجي أو ممارسات غير مشروعة.
إقرأ ايضاً:
الهلال يشن هجومًا مبكرًا في الميركاتو .... كيف يُحدث إنزاجي ثورة في الهلال؟!"فابريزيو رومانو" يؤكدها.. "الهلال" يحسم "أضخم" صفقاته الصيفية.. والاتفاق تم مع ميلانوأشارت الوزارة إلى أن التغيرات في السياسات التجارية العالمية قد تؤدي إلى تدفّق سلع أجنبية إلى السوق المحلي بأسعار تقل عن تكلفة الإنتاج، مما يُعدّ تهديدًا مباشرًا لقدرة المصانع الوطنية على المنافسة، ويستوجب من المصنعين التحرك الفوري للتبليغ عن مثل هذه الحالات عبر القنوات الرسمية.
وتأتي هذه الخطوة في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه الاقتصاد الصناعي العالمي، حيث تزايدت حالات الإغراق التجاري وتكثفت المنافسة بين الدول المصدّرة، مما فرض على المملكة رفع مستوى الجاهزية الرقابية وتفعيل أدوات الرصد والتبليغ لضمان حماية أسواقها ومصانعها.
وتوفر خدمة "بلاغ منافسة غير عادلة" قناة رقمية فعالة تُمكّن المصنعين المحليين من إيصال صوتهم للجهات المختصة، وتقديم البيانات والمستندات التي تُظهر التأثيرات المحتملة أو الفعلية على إنتاجهم نتيجة لممارسات أجنبية ضارة أو غير منصفة.
وتهدف الوزارة من خلال هذه الخدمة إلى دعم المصانع في مواجهة التحديات التجارية المستجدة، وتسهيل عملية رصد الأضرار المحتملة وتحليلها بشكل مؤسسي، بما يُفضي إلى اتخاذ إجراءات قانونية وتجارية مناسبة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وأكدت وزارة الصناعة أن من أهم أهداف هذه المبادرة هو تطوير السياسات الصناعية وتنظيم السوق المحلي بما يتماشى مع المعايير الدولية، وفي الوقت ذاته يُعزز من حضور المنتج الوطني، ويُقلّل من الاعتماد على الواردات التي لا تلتزم بقواعد التجارة النزيهة.
كما دعت الوزارة جميع المنشآت الصناعية، الصغيرة منها والكبيرة، إلى أخذ زمام المبادرة وعدم التردد في استخدام الخدمة متى ما وُجدت مؤشرات على ممارسات غير عادلة، وذلك لضمان تدخل سريع يحافظ على استقرار السوق وعدم إضعاف القدرة الإنتاجية للقطاع الصناعي.
وأوضحت أن الاستفادة من الخدمة تتطلب تقديم البلاغات عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة، على أن تكون مدعومة بالوثائق والأدلة التي توضح طبيعة المنافسة غير العادلة أو الآثار التي خلّفتها على نشاط المنشأة الصناعية.
وترى الوزارة أن هذا التحرك ليس مجرد خطوة تنظيمية، بل هو جزء من رؤية أشمل تتسق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى توسيع القاعدة الصناعية، وتعزيز الاقتصاد غير النفطي، ورفع نسبة المحتوى المحلي في القطاعات الإنتاجية.
وفي الوقت نفسه، أكدت وزارة الصناعة أن مواجهة الإغراق والممارسات التجارية غير العادلة تتطلب شراكة حقيقية بين القطاع الحكومي والقطاع الصناعي الخاص، حيث لا يمكن النجاح في تطبيق السياسات التنظيمية دون مشاركة فعّالة من المصنّعين أنفسهم.
ويُعد الإغراق التجاري من أكثر القضايا المثيرة للقلق في الاقتصاد العالمي، حيث تعمد بعض الدول أو الشركات إلى تصدير منتجاتها بأسعار منخفضة تقل عن تكلفة الإنتاج، بقصد الاستحواذ على حصة من السوق وتقويض الصناعات المحلية في الدول المستهدفة.
وتؤثر هذه الممارسات بشكل مباشر على أرباح المصانع الوطنية، وتُضعف قدرتها على التوسع أو التوظيف أو حتى الاستمرار، مما يجعل من الإبلاغ المبكر عن مثل هذه التحديات أداة حيوية للحفاظ على التوازن الاقتصادي والعدالة التجارية.
كما تهدف الخدمة إلى تكوين قاعدة بيانات دقيقة حول الأنماط التجارية المشبوهة التي قد تتكرر مستقبلاً، مما يُساعد الجهات المختصة على صياغة سياسات استباقية قائمة على تحليل البيانات لا مجرد ردّ فعل على الأزمات.
وترى الوزارة أن حماية الصناعة الوطنية لا تعني الانغلاق التجاري، بل تعني إدارة السوق بآليات عادلة، تضمن حرية المنافسة وتحمي في ذات الوقت المصالح الوطنية من أي استغلال خارجي أو اختراق تجاري قد يُضعف البنية الاقتصادية طويلة المدى.
وأكدت الوزارة أن التعامل مع البلاغات سيكون بمنتهى الجدية والشفافية، وفقًا لمعايير منظمة التجارة العالمية، مع مراعاة التزامات المملكة الدولية، وحقوق جميع الأطراف ضمن إطار قانوني منضبط يراعي مصلحة الاقتصاد الوطني.
وفي ختام بيانها، شددت الوزارة على أن تحقيق بيئة صناعية صحية ومستقرة لا يمكن أن يتم دون تفعيل أدوات الرقابة والمساءلة، وتفاعل القطاع الصناعي مع الخدمات الحكومية المخصصة له، بما يُسهم في دفع عجلة التنمية الصناعية نحو آفاق أرحب.