في تصريح من العيار الثقيل، من شأنه أن يعيد تشكيل خريطة القطاع العقاري في المملكة، كشف مشرف برنامج رسوم الأراضي البيضاء في وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الأستاذ طارق الشهيّب، عن أن بعض الأراضي البيضاء سيطبق عليها الحد الأعلى من الرسوم، والذي قد يصل إلى عشرة بالمئة.
ويأتي هذا التصريح، الذي أدلى به لقناة "الإخبارية"، ليمثل تحولاً استراتيجيًا في آلية التعامل مع الأراضي غير المطورة داخل النطاقات العمرانية، ويعكس جدية الدولة في المضي قدمًا نحو تحقيق أهدافها في زيادة المعروض العقاري، وتمكين المواطنين من تملك المسكن الملائم.
إقرأ ايضاً:
فهد الخضيري يوجه 4 نصائح ذهبية لمرضى السكري لتفادي المضاعفاتقرار مثير للجدل.. هل يدفع الهلال ثمن غيابه عن السوبر، ماهى العقوبات؟وأوضح الشهيّب أن اللوائح التنفيذية المحدثة لنظام رسوم الأراضي البيضاء، والتي من المتوقع أن تصدر نسختها النهائية خلال شهر تقريبًا، ستعزز بشكل كبير من فرص التملك، وستحفز على إيجاد شراكات نوعية بين ملاك الأراضي والمطورين العقاريين.
إن الإشارة إلى تطبيق الحد الأعلى من الرسوم، يمثل أقوى رسالة حتى الآن للملاك الذين يفضلون الاحتفاظ بأراضيهم دون تطوير، في ممارسة تعرف بـ "الاكتناز"، والتي تعد أحد أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات في المدن الرئيسية.
فبعد سنوات من تطبيق المرحلة الأولى من النظام، والتي كانت تفرض رسومًا بنسبة اثنين ونصف بالمئة، يبدو أن الجهات المعنية قد رأت أن هذه النسبة لم تعد كافية لتحقيق التأثير المأمول، وأن هناك حاجة إلى أداة أكثر قوة وفعالية لتحفيز التطوير.
إن فرض رسم سنوي يصل إلى عشرة بالمئة من قيمة الأرض، سيجعل من عملية اكتناز الأراضي أمرًا باهظ التكلفة وغير مجدٍ اقتصاديًا، وسيضع الملاك أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تطوير أراضيهم بأنفسهم، أو الدخول في شراكات مع مطورين عقاريين لضخ المزيد من الوحدات السكنية والتجارية في السوق.
وهذا بالضبط ما أشار إليه الشهيّب، حيث إن هذه الرسوم المرتفعة ستجعل من خيار الشراكة مع المطورين حلاً مثاليًا لملاك الأراضي، مما يؤدي إلى تسريع وتيرة المشاريع السكنية، وزيادة المعروض، وهو ما يصب في النهاية في مصلحة المواطن الباحث عن سكن.
وتأتي هذه الخطوة في سياق أوسع، يهدف إلى تحقيق أحد أهم مستهدفات رؤية المملكة 2030، وهو رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن، وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال توفير أراضٍ مطورة بأسعار معقولة، تكون في متناول المطورين والمواطنين على حد سواء.
لقد عانى السوق العقاري لسنوات طويلة من وجود مساحات شاسعة من الأراضي البيضاء داخل المدن، والتي بقيت خارج دائرة التنمية، مما أدى إلى تمدد المدن بشكل أفقي، وزيادة تكلفة تطوير البنية التحتية، ورفع أسعار العقارات بشكل عام.
واليوم، تأتي هذه اللوائح الجديدة لتضع حداً لهذه الممارسة، ولتؤكد على أن الأرض أداة للتنمية وليست مجرد وعاء للثروة، وأن على كل من يمتلك أرضًا داخل النطاق العمراني أن يساهم في مسيرة التنمية التي تشهدها المملكة.
ويترقب القطاع العقاري بأكمله صدور النسخة النهائية من اللائحة التنفيذية المحدثة، لمعرفة كافة تفاصيلها، والآلية التي سيتم من خلالها تطبيق الرسوم الجديدة، والمعايير التي ستحدد الأراضي التي ستخضع للحد الأعلى من الرسم.
ومن المتوقع أن تساهم هذه الخطوة، فور تطبيقها، في إحداث توازن في السوق العقاري، وكبح جماح الارتفاعات غير المبررة في أسعار الأراضي، وتوفير المزيد من الخيارات السكنية للمواطنين بأسعار تنافسية.
في المحصلة النهائية، لم يعد نظام رسوم الأراضي البيضاء مجرد أداة مالية، بل تحول إلى محرك استراتيجي قوي للتنمية الحضرية، وذراع تنفيذي لتحقيق رؤية المملكة في توفير حياة كريمة ومسكن ملائم لكل مواطن.