في حوار استثنائي يعكس طموحا متجددا وإصرارا لا يلين، كشف النجم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، عن كواليس تجديد عقده مع النادي، وأحلامه التي لا تزال حاضرة رغم بلوغه الثانية والثلاثين من عمره، وعلى رأسها حلم الفوز بالكرة الذهبية، وصلاح الذي بات رمزًا للنجاح الكروي العربي والعالمي، تحدث لمجلة "فرانس فوتبول" عن تفاصيل المرحلة المقبلة من مسيرته، مظهرا وعيا كبيرا بما يتطلبه الاستمرار في القمة، وعلاقة متزنة مع الواقع والطموحات على حد سواء.
صلاح الذي اختتم الموسم بتصدره قائمة هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 22 هدفًا، أكد أن المفاوضات حول تجديد عقده لم تكن سهلة، بل شابها الكثير من الجدل والتفكير في خيارات الرحيل، وقال: "كنت مستعدًا للرحيل إذا لم يرغب النادي في التجديد، لكن في النهاية قررت البقاء وأنا سعيد جدًا بذلك"، وأوضح أن القرار لم يكن محض عاطفة، بل جاء بعد دراسة وتمحيص، خاصة أن العقد الجديد يمتد حتى صيف 2027، مما يمنحه استقرارا مهنيا جديدًا في المرحلة الحاسمة من مسيرته.
ورغم كل ما حققه صلاح من بطولات وأرقام، لم يخفِ أن هناك حلما لا يزال يراوده، هو التتويج بجائزة الكرة الذهبية "بالون دور"، ولم يصفه بالحلم الشخصي فقط، بل ربطه بملايين المصريين والعرب، قائلًا: "أتمنى الفوز بها من أجل شعبي، الأمر ليس بيدي، لكنني أؤمن بفرصتي"، مشيرًا إلى أن تقدمه في العمر لا يشكل عائقًا أمام هذا الهدف، مستشهدًا بنجوم كبار واصلوا التألق والتتويج في الثلاثينيات من عمرهم، في إشارة واضحة إلى لاعبين مثل ليونيل ميسي وكريم بنزيما.
وفي ظل التغيرات الكبيرة التي شهدها ليفربول مؤخرًا، خاصة على مستوى الجهاز الفني برحيل المدرب الأسطوري يورغن كلوب، أبدى صلاح تفاؤلًا كبيرًا بالتعاون مع المدرب الجديد أرني سلوت، القادم من الدوري الهولندي، وأوضح أن العلاقة بينهما تتطور تدريجيًا بشكل إيجابي، وأنه يشعر بثقة متبادلة، مما يعزز فرص الفريق في المنافسة القوية خلال الموسم المقبل، وأكد أن طموحه مع النادي لم يتغير، حيث لا يزال يسعى لتحقيق المزيد من البطولات والإنجازات، سواء على المستوى المحلي أو الأوروبي.
تصريحات صلاح تكشف عن نضج رياضي كبير، فهو يدرك جيدًا أن حلم الفوز بجائزة فردية كبرى مثل الكرة الذهبية لا يتحقق فقط بالأداء الفردي، بل يعتمد على نتائج الفريق، واللحظات الحاسمة، والتوقيت المناسب، ومع ذلك، فإنه لا يستسلم للظروف، بل يواصل تقديم كل ما لديه على أرض الملعب، في موسم اعتُبر من بين الأفضل له على مستوى الفعالية والتأثير رغم الصعوبات.
اللافت في حديث صلاح أيضًا هو إصراره على البقاء في نادٍ بحجم ليفربول رغم الإغراءات الكثيرة التي تلقاها خلال السنوات الماضية، سواء من أندية الدوري الإسباني أو حتى من وجهات مالية مغرية في الشرق الأوسط، ويبدو أن اختياره البقاء يعكس رغبة صادقة في كتابة نهاية مشرفة لمسيرته في أعلى مستويات المنافسة الأوروبية، إضافة إلى رغبته في تحقيق الاستقرار العائلي والمهني في بيئة أصبح فيها رمزًا وشخصية محورية.
صلاح لم يتطرق فقط إلى الألقاب والأهداف، بل أكد أن لديه الكثير ليقدمه للكرة المصرية والعربية من خلال الاستمرار في تمثيلها على أعلى المستويات، ورغم كونه شخصية دولية، إلا أنه لا ينسى جذوره، ويحرص في كل تصريحاته على التأكيد بأنه يمثل "شعبًا بأكمله"، وهو ما يجعله نموذجًا يُحتذى ليس فقط كلاعب، بل كقصة إلهام متواصلة لكل من يسعى للوصول إلى القمة رغم الصعوبات.
ومع بقاء عدة سنوات في عقده الجديد، يدخل محمد صلاح فصلًا جديدًا من مشواره، يبدو فيه أكثر إصرارًا على أن يترك بصمة خالدة في تاريخ ليفربول والكرة العالمية، وبين حلم الكرة الذهبية، وشغف الألقاب، وثقة الجماهير، يواصل "الملك المصري" السير على طريق الأساطير، مؤمنًا أن الطريق لا ينتهي إلا حين يقرر هو التوقف، لا حين تفرض الظروف عليه ذلك.