سجلت أسعار النفط العالمية تراجعاً حاداً اليوم الخميس، حيث هبطت بنحو 3% متأثرة بعاملين رئيسيين دفعا المستثمرين للقلق بشأن وفرة المعروض النفطي في الأسواق العالمية، فمن ناحية صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن واشنطن تقترب بشكل كبير من التوصل لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، ومن ناحية أخرى أظهرت البيانات الرسمية ارتفاعاً مفاجئاً في مخزونات النفط الخام الأمريكية خلال الأسبوع الماضي، مما عزز المخاوف بشأن تخمة المعروض في سوق الطاقة العالمية.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.99 دولار أو ما يعادل 3% لتصل إلى 64.10 دولار للبرميل بحلول الساعة 08:06 بتوقيت جرينتش، في حين هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنحو 2.05 دولار أو ما نسبته 3.3% لتستقر عند 61.10 دولار للبرميل، وذلك في استمرار للمنحى التنازلي الذي شهدته أسعار النفط في الفترة الأخيرة مع تزايد المؤشرات على احتمال عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية بكميات أكبر في حال رفع العقوبات الأمريكية عن طهران.
وفي تصريحات له من العاصمة القطرية الدوحة اليوم، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن بلاده "تقترب جداً من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران"، مضيفاً أن طهران وافقت "نوعاً ما" على الشروط المطروحة، وهو ما يمثل تطوراً جوهرياً في العلاقات الأمريكية-الإيرانية بعد سنوات من التوتر، كما يفتح الباب أمام احتمالات تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، مما سيسمح لها بزيادة صادراتها النفطية التي تقدر طاقتها الإنتاجية الكامنة بنحو 1.5 مليون برميل يومياً.
وقد عزز من الضغوط السلبية على أسعار النفط البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والتي أظهرت ارتفاع مخزونات الخام بمقدار 3.5 مليون برميل لتصل إلى 441.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في التاسع من مايو الجاري، مخالفة بذلك توقعات المحللين في استطلاع أجرته وكالة "رويترز" والتي كانت تشير إلى هبوط قدره 1.1 مليون برميل، مما يشير إلى ضعف الطلب أو زيادة في الإنتاج المحلي الأمريكي.
وتعليقاً على هذه التطورات، قال جون إيفانز، المحلل لدى "بي. في. إم أويل"، إن الأسعار تراجعت بداية بفعل زيادة مخزونات الخام كما ورد في تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ثم تسارع الهبوط بعد ذلك بفعل ما يبدو أنها تهدئة للعداء في المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مما يفتح الباب أمام عودة النفط الإيراني للأسواق العالمية في المستقبل القريب.
وبالتوازي مع تراجع أسعار النفط، شهدت أسعار الذهب انخفاضاً ملحوظاً اليوم، حيث هبط المعدن الأصفر في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% ليصل إلى 3153.09 دولار للأوقية، بعد أن وصل في وقت سابق من الجلسة إلى أدنى مستوى له منذ العاشر من أبريل الماضي، بينما انخفضت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 1% لتستقر عند 3156.90 دولار للأوقية، متأثرة بترقب الأسواق لبيانات مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة المقرر صدورها اليوم، والتي قد توفر مؤشرات إضافية حول اتجاه الاقتصاد الأمريكي ومسار السياسة النقدية.
وفي سياق متصل، أعلنت الولايات المتحدة والصين مؤخراً عن اتفاق لخفض الرسوم الجمركية المتبادلة بصورة كبيرة، مع تعليق حرب التعريفات لمدة 90 يوماً، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، غير أن الأسواق العالمية لا تزال تتعامل بحذر مع هذا التطور، إذ تتساءل عما قد يحدث بعد انقضاء فترة التسعين يوماً المتفق عليها.
وتتوقع الأسواق المالية حالياً أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس هذا العام، بدءاً من شهر أكتوبر المقبل، في ظل المؤشرات المتزايدة على تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وعادةً ما يُنظر إلى الذهب على أنه وسيلة للتحوط في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، كما يميل المعدن الأصفر إلى الارتفاع في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة لأنه لا يدر عائداً مثل الأصول الأخرى كالسندات.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، هبطت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% لتصل إلى 31.98 دولار للأوقية، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 0.5% ليبلغ 980.35 دولار، وزاد البلاديوم بنسبة 0.1% ليصل إلى 951.90 دولار، مما يعكس تبايناً في أداء سوق المعادن الثمينة وسط المخاوف الاقتصادية العالمية المتنامية.