الحج

وزارة الصحة السعودية تطلق أكبر منظومة طبية ميدانية في مشعر منى

كتب بواسطة: احمد قحطان |

في مشهدٍ روحاني مهيب، بدأت أفواج حجاج بيت الله الحرام بالتوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، والذي يصادف الثامن من شهر ذي الحجة، في تحضيرٍ عمليٍّ وروحيٍّ ليوم عرفة، ويتوزع الحجيج على جنبات المشعر وهم يلبّون ويكبرون، في مشهد يُجسد وحدة الإسلام وتنوعه، إذ يشارك في هذه الرحلة الإيمانية مسلمون من مختلف بقاع الأرض، ويُعد هذا اليوم بداية مرحلة مشاعر الحج الكبرى، حيث يبيت الحجاج في منى تمهيداً للوقوف بعرفة في اليوم التالي، أقدس أيام الحج.

ومع هذا الحدث الديني الضخم، أكدت وزارة الصحة السعودية جاهزيتها التامة لاستقبال ضيوف الرحمن، معلنةً عن رفع طاقتها السريرية بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي، وبيّن المتحدث الرسمي للوزارة، المهندس خالد آل طالع، أن الحالة الصحية العامة للحجاج مطمئنة ومستقرة حتى الآن، مع اتخاذ كافة الإجراءات الاستباقية للتعامل مع التحديات الصحية المتوقعة خلال موسم الحج، وتشارك في هذه الجهود أكثر من 50 ألف من الكوادر الطبية والفنية، في منظومة صحية متكاملة هدفها الأول ضمان صحة الحجاج وسلامتهم.
إقرأ ايضاً:ثورة تقنية في المملكة العربية السعودية "السوار الذكي" يحمي رجال الأمن بالذكاء الاصطناعي!دعم يونيو من حساب المواطن يقترب.. والمستفيدون يُنصحون بتحديث بياناتهم

في سياق ذلك، تم افتتاح مستشفى طوارئ جديد في مشعر منى بطاقة استيعابية تصل إلى 200 سرير، وذلك بالتعاون مع شركة كدانة للتنمية والتطوير، في خطوة تعزز من كفاءة الاستجابة الطبية في قلب المشاعر، كما تم تجهيز ثلاث مستشفيات ميدانية إضافية بسعة تفوق 1200 سرير، بالشراكة مع وزارات الحرس الوطني، والدفاع، والداخلية، لتشكل معًا درعاً طبياً متقدماً أمام أي طارئ قد يطرأ خلال تأدية مناسك الحج.

وتضمنت التجهيزات كذلك تشغيل 71 نقطة طوارئ موزعة بعناية في مناطق متفرقة من المشاعر، إضافة إلى تشغيل 900 سيارة إسعاف مجهزة بأحدث الأجهزة، و11 طائرة إخلاء طبي، وأكثر من 7500 مسعف تم تدريبهم للتعامل مع مختلف الحالات، وتأتي هذه المنظومة استكمالاً لخطة متكاملة وضعتها الوزارة لضمان توفير الرعاية الصحية الكافية في الوقت المناسب، وتسهيل حركة الإخلاء الطبي عند الحاجة.

وفي جانب ميداني موازٍ، شهدت عملية تفويج الحجاج إلى مشعر منى تنظيمًا دقيقًا بدأ منذ فجر اليوم، عبر مسارات وأوقات محددة بدقة، وسط متابعة أمنية مشددة لضمان انسيابية الحركة، وقد تم منع دخول أي مركبة لا تحمل تصريحًا رسميًا، ضمن إجراءات تهدف لحماية الحجاج من التكدس والمخاطر المرتبطة به، وضمان انضباط حركة التنقل بين المشاعر.

ويُعد يوم التروية أول محطات الحج الكبرى التي يتوقف عندها الحاج استعدادًا للوقوف بعرفة، وقد أُطلق عليه هذا الاسم لأن الحجيج في الماضي كانوا يملأون أوعيتهم بالماء استعدادًا ليوم عرفة، وهو ما يزال سلوكًا رمزياً قائماً حتى اليوم، إذ تُحَث الوفود على شرب الماء باستمرار لتفادي الإجهاد وضربات الشمس، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال هذا الموسم.

ومن منى، يؤدي الحجاج خمس صلوات هي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم فجر يوم عرفة، اتباعًا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أن يتوجهوا مع شروق شمس اليوم التالي إلى عرفات، أحد أعظم أركان الحج، وبين أجواء الخشوع والترقب، يعيش الحجاج لحظات إيمانية خالدة، تملأها الدعوات والتضرعات، وسط تجهيزات مكثفة تضمن لهم الراحة والسكينة.

وإذ تؤكد السعودية أن هذه الجهود تأتي استمرارًا لرسالتها في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، فإن التوسع الكبير في التجهيزات الطبية والخدمية هذا العام يعكس تطورًا نوعيًا في إدارة الحشود، ويعزز من قدرة الدولة على التكيف مع أي ظروف طارئة، بما يضمن لحجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم بيسر وأمان وطمأنينة.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار