شهدت سماء المملكة العربية السعودية والعالم، في الحادي عشر من يونيو 2025، ظاهرة فلكية نادرة تُعرف بـ"الوقوف القمري العظيم" أو ما يسمى علميًا بـ(Lunar Standstill)، وهي ظاهرة لا تتكرر إلا كل 18.6 سنة تقريبًا، وتُعد من أبرز الظواهر الفلكية التي تستقطب أنظار علماء الفلك والمصورين ومحبي السماء حول العالم.
وقد تزامن هذا الحدث مع بزوغ "قمر الفراولة" من أقصى نقطة جنوبية في الأفق، ليضفي على السماء مشهدًا ساحرًا يمكن مشاهدته بالعين المجردة في حال كانت الأجواء خالية من الغيوم.
إقرأ ايضاً:ترامب يفرض حظر سفر.. ماذا عن مشجعي الدول المستهدفة في المونديال؟رغم الرسوم الجمركية المرتفعة.. الشركات الأميركية تتمسك بسوق الصين
وتحدث ظاهرة الوقوف القمري عندما يصل ميل مدار القمر حول الأرض إلى أقصى انحراف له شمالًا وجنوبًا من خط الاستواء السماوي، ويؤدي هذا الانحراف إلى أن يظهر القمر وهو يشرق ويغرب من أبعد نقاط الأفق الشرقية والغربية، في دورة فلكية فريدة ناتجة عن تغير زاوية مدار القمر بفعل الجاذبية الأرضية وتأثير الكواكب الأخرى، خاصة الشمس، وهذا ما يجعل الظاهرة ذات أهمية علمية وفلكية كبيرة، إذ توفر فرصة لمراقبة سلوك القمر المداري وتفاعلاته في الفضاء القريب من الأرض.
وأفاد نادي الفلك والفضاء في المملكة أن الظاهرة تم رصدها بوضوح في عدد من المناطق التي اتسمت بصفاء الأجواء، خصوصًا في المناطق الصحراوية والمرتفعات، حيث ساعد غياب التلوث الضوئي على وضوح الرؤية، ما أتاح لعشاق التصوير الفلكي توثيق الحدث بعدساتهم من مختلف المواقع.
وبيّن النادي أن هذه الظاهرة تعكس التناغم الدقيق في الحركات السماوية، والتي يمكن من خلالها دراسة ظواهر أخرى مرتبطة بحركة القمر وتأثيراته على المد والجزر وظواهر الخسوف.
كما أشار عدد من الخبراء إلى أن تزامن الوقوف القمري هذا العام مع ظهور "قمر الفراولة" أضفى على الحدث بُعدًا جماليًا نادرًا، إذ بدا القمر في لحظة البزوغ بلون مائل إلى الوردي بفعل زاوية الضوء والطبقات الجوية، وهو ما جعل المشهد محط اهتمام واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تناقلت الحسابات الفلكية والمجتمعية صورًا ومقاطع فيديو وثّقت اللحظة بدقة عالية.
ويُذكر أن آخر مرة حدثت فيها ظاهرة الوقوف القمري كانت عام 2006، ولن تتكرر مجددًا حتى عام 2043، مما يجعل من رصدها هذا العام فرصة نادرة للغاية لكل من يهتم بعلم الفلك أو التصوير أو حتى مجرد تأمل السماء.
وقد دعت الجمعيات الفلكية في المملكة المهتمين إلى تدوين مشاهداتهم وتقديمها ضمن مبادرات بحثية تهدف إلى توسيع المعرفة العامة حول الظواهر السماوية.
ويُعد اهتمام المملكة المتزايد برصد هذه الظواهر جزءًا من الجهود العلمية لتعزيز الثقافة الفلكية، وتشجيع المجتمع على التفاعل مع الأحداث الكونية التي لا تزال تثير الدهشة والإعجاب منذ آلاف السنين، ويعكس هذا الحدث النادر عمق الترابط بين الإنسان والسماء، واستمرار الشغف بالفضاء في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.