في واحدة من قصص النجاح الطبي التي تضيء موسم الحج كل عام، أنقذ تدخل عاجل في مستشفى النور التخصصي حياة حاجة من الجنسية الهندية، بعد أن تعرضت لحالة صحية خطيرة نتيجة انسداد في الحالبين تسبب في فشل كلوي حاد، العملية الطارئة التي خضعت لها المريضة جاءت ضمن منظومة "الرعاية العاجلة"، أحد أنظمة نموذج الرعاية الصحية السعودي، الذي أثبت فعاليته في التعامل مع الحالات الطارئة والحرجة خلال موسم الحج، حيث يحتشد الملايين في مكة المكرمة لأداء الشعائر وسط جهود صحية غير مسبوقة.
وكانت المريضة قد وصلت إلى قسم الطوارئ في المستشفى وهي تعاني من آلام شديدة وتدهور كبير في المؤشرات الحيوية، الأمر الذي استدعى فحوصات طبية عاجلة كشفت عن وجود انسداد ثنائي في الحالبين، هذه الحالة النادرة والمعقدة تسببت في توقف تدفق البول، ما أدى إلى ارتفاع سريع في مؤشرات وظائف الكلى وتراكم السموم في الدم، وتطورت الحالة إلى تسمم دموي بكتيري حاد، مع انخفاض ملحوظ في ضغط الدم والأكسجين، ما وضع حياتها على المحك.
إقرأ ايضاً:طعنات الغدر تُنهي حياة أكاديمي سعودي والجاني يحاول الفرارقطار الحرمين ينقل المتعجلين للمدينة وسط تنظيم دقيق
تحرك الفريق الطبي بشكل سريع وفوري، وتم نقل المريضة إلى قسم العناية المركزة لتثبيت حالتها ومنع تدهور أكبر قد يهدد حياتها، وبعد إجراء الفحوصات الدقيقة، تقرر التدخل الجراحي العاجل، حيث خضعت المريضة لعملية استغرقت قرابة ساعة ونصف الساعة، تم خلالها تركيب دعامات بولية في الحالبين لإزالة الانسداد واستعادة تدفق البول الطبيعي، وهو ما ساهم مباشرة في تحسن حالة الكلى والتخلص من السموم المتراكمة في الجسم.
ما ميّز هذا التدخل هو التناسق والتكامل بين الفرق الطبية المتخصصة، التي عملت بسرعة وبدقة لإنقاذ المريضة، مستفيدة من الإمكانيات العالية التي يتمتع بها مستشفى النور التخصصي، أحد الأعمدة الرئيسية في شبكة التجمع الصحي بمكة المكرمة، ويُعد هذا المستشفى من المنشآت الرائدة التي تستقبل عشرات الحالات الحرجة يوميًا خلال موسم الحج، ما يتطلب جاهزية قصوى وكفاءات مدربة وأجهزة متقدمة.
وبعد العملية، وُضعت المريضة تحت المراقبة الدقيقة في قسم العناية المركزة، حيث بدأت مؤشرات وظائف الكلى بالتحسن تدريجيًا، إلى أن استقرت حالتها بالكامل، وبفضل الرعاية المستمرة والاهتمام الدقيق من الطاقم الطبي، تماثلت المريضة للشفاء في وقت قياسي، وغادرت المستشفى وهي بحالة مستقرة، ما مكنها من مواصلة مناسك الحج دون عوائق صحية.
وتأتي هذه الحادثة لتسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه وزارة الصحة السعودية في تأمين خدمات صحية متقدمة ومجانية لضيوف الرحمن، ضمن خطة شاملة تضمن التدخل السريع والتعامل المهني مع الحالات الحرجة، وتعكس قصة الحاجة الهندية نموذجًا حيًا لهذا الاهتمام، الذي لا يميز بين جنسية أو حالة، بل ينصب على إنقاذ الأرواح وتيسير أداء المناسك بكل طمأنينة.
نجاحات كهذه لا تُعد ولا تُحصى خلال موسم الحج، إذ يتم تسجيل آلاف الحالات التي تتلقى علاجًا متقدمًا في مستشفيات مكة والمشاعر المقدسة، من بينها تدخلات قلبية، وجراحات معقدة، وإنقاذ حالات تسمم أو إصابات حرجة، والجامع بينها جميعًا هو توافر البنية التحتية الطبية، ووجود فرق عمل ميدانية مدربة على الاستجابة في الوقت المناسب.
وفي ظل تصاعد عدد الحجاج عامًا بعد عام، تبقى مثل هذه القصص دليلاً حيًا على أن المملكة لا تكتفي بتوفير الشعائر الدينية فحسب، بل تقدم تجربة متكاملة تشمل الأمن والرعاية والصحة في أرقى صورها، وهو ما يُسهم في ترسيخ مكانة المملكة كمقصد آمن ومُجهز لاستقبال الملايين في كل موسم حج، معززة برؤية صحية متطورة تستند إلى التخطيط والجاهزية والإبداع المهني.