وصلت إلى المدينة المنورة مساء اليوم أولى قوافل الحجاج المتعجلين، قادمين عبر قطار الحرمين السريع، بعد أن منّ الله عليهم بإتمام مناسك الحج بكل يُسر وسهولة، مشهد الوصول إلى مدينة المصطفى ﷺ كان مؤثرًا، حيث ارتسمت على وجوه الحجاج ملامح الفرح والسكينة، وسط ترحيب واسع من مختلف الجهات المعنية التي باشرت تنفيذ خططها التشغيلية الخاصة بالموسم الثاني من أعمال الحج، استعدادًا لاستقبال عشرات الآلاف من ضيوف الرحمن خلال الأيام المقبلة.
وتعد زيارة المسجد النبوي الشريف من المحطات الروحية المهمة التي يحرص عليها الحجاج بعد أداء نسك الحج، لما لها من مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، إذ يتشرف الحاج بالصلاة فيه والسلام على الرسول محمد ﷺ وصاحبيه الكريمين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وتتكامل الأجواء الإيمانية في المدينة المنورة مع الخدمات المتطورة التي وفّرتها الجهات الرسمية، والتي تسهم في تسهيل تنقل الحجاج، وتوفير الراحة والأمان لهم في كل خطوة من خطاهم داخل المدينة الطاهرة.
إقرأ ايضاً:طعنات الغدر تُنهي حياة أكاديمي سعودي والجاني يحاول الفرارالذكاء الاصطناعي يتحدى الطبيعة: دقة غير مسبوقة في التنبؤ بالعواصف
ومع بدء توافد الحجاج، أطلقت الجهات المختصة في المدينة المنورة خططها التشغيلية بتنسيق دقيق بين القطاعات الحكومية والخدمية والأمنية والتطوعية، وقد رفعت جميع هذه القطاعات جاهزيتها إلى أقصى درجاتها، وبدأت بالفعل في تنفيذ عمليات دعم شاملة لمراكز الاستقبال والمنافذ البرية والهوائية، فضلًا عن الأماكن التاريخية التي يرتادها الحجاج، مثل مسجد قباء، ومسجد القبلتين، والبقيع، في تجربة دينية وثقافية لا تُنسى.
ويبرز دور قطار الحرمين السريع بوصفه وسيلة النقل الأحدث والأكثر كفاءة، إذ لعب دورًا محوريًا في نقل الحجاج المتعجلين من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في وقت قياسي وبراحة عالية، وهو ما يعكس جودة البنية التحتية التي طورتها المملكة ضمن رؤية 2030 لخدمة ضيوف الرحمن، وتقديم تجربة حج وزيارة ميسّرة ومتطورة باستخدام أحدث وسائل التقنية والنقل.
وتعكس الجهود التنظيمية الحالية حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، على رعاية ضيوف الرحمن منذ لحظة وصولهم وحتى مغادرتهم، حيث تتوزع الفرق الأمنية والتنظيمية في مختلف مواقع المدينة المنورة، لتقديم الدعم والمساعدة، وتوفير بيئة آمنة تُعزز من تجربة الحاج الروحية، كما تساهم الكوادر الصحية المنتشرة في المراكز والمستشفيات بتقديم الرعاية اللازمة على مدار الساعة، في حال تطلب الأمر تدخلاً صحيًا سريعًا.
أما الفرق التطوعية، فتلعب دورًا مؤثرًا في الإرشاد والتوجيه وتقديم الضيافة والابتسامة، بما يعكس الوجه الإنساني والحضاري للمدينة المنورة وسكانها، وتقوم هذه الفرق بمرافقة الحجاج داخل المسجد النبوي وفي المرافق العامة، لتيسير حركتهم، وتوفير معلومات بلغات متعددة، مما يساهم في إزالة أي عقبات قد تواجه الزائر، خاصة أولئك القادمين من دول بعيدة تختلف لغاتهم وعاداتهم.
وتُعد الفترة التي يقضيها الحاج في المدينة المنورة بمثابة امتداد روحاني لمناسك الحج، حيث يستشعر الزائر طمأنينة خاصة في جوار مسجد النبي ﷺ، وسط أجواء من التنظيم والسكينة والرعاية الشاملة، ولا تتوقف هذه الرعاية على الجانب الأمني أو الخدمي فقط، بل تشمل أيضًا الجوانب الدينية والثقافية، من خلال تنظيم زيارات موجهة للأماكن التاريخية، ومحاضرات إرشادية، وفعاليات تعزز من وعي الحاج بأهمية هذه المرحلة في رحلته الإيمانية.
ويؤكد هذا الاستقبال الحافل وما يصاحبه من خدمات متكاملة أن المملكة العربية السعودية تواصل نجاحاتها في إدارة أعظم موسم ديني في العالم باحترافية عالية، من خلال منظومة خدمية وتنظيمية أثبتت قدرتها على مواكبة الأعداد المتزايدة من الحجاج عامًا بعد عام، مع ضمان أعلى معايير السلامة، والراحة، والكرامة لضيوف الرحمن في كل تفاصيل الرحلة.