حماية المستهلك

تغييرات مرتقبة في توصيل الطلبات.. هل أنت مستعد؟

كتب بواسطة: سوسن شرف |

في ظل التوسع السريع الذي يشهده قطاع خدمات التوصيل في المملكة، تتعاظم الحاجة إلى ضبط الأداء وضمان الجودة، خاصة مع تزايد الاعتماد اليومي على هذه الخدمات من مختلف شرائح المجتمع، ويرى مختصون أن الوقت قد حان لتطبيق تنظيمات صارمة تواكب هذا النمو، وتكفل حقوق جميع الأطراف.

المختصون الذين تحدثوا لـ"اليوم" أجمعوا على أهمية موازنة التنظيم مع المرونة، بما يضمن كفاءة التشغيل دون التضييق على المندوبين أو المنصات، إلى جانب بناء ثقة المستهلك وتعزيز تجربة المستخدم عبر آليات دقيقة للرقابة والتحفيز.
إقرأ ايضاً:بمشاركة رونالدو.. أكبر حدث إلكتروني عالمي ينطلق من السعوديةمعجزة طبية في المدينة المنورة تُنقذ حاجة من كارثة صحية

في هذا الإطار، شدد المختص في النقل محمد العطاس على أن جودة الخدمة لا ترتبط فقط بالتقنيات الذكية التي تعتمدها التطبيقات بل ترتكز على مهنية العنصر البشري، مضيفًا أن الانضباط والسلوك المهني عنصران حاسمان في تقديم تجربة توصيل جديرة بالثقة.

العطاس أشار إلى ضرورة أن يلتزم مندوبي التوصيل بعدد من الاشتراطات النظامية والشخصية والصحية، منها حسن السيرة والسلوك، امتلاك رخصة قيادة سارية، تسجيل رسمي في الجهات المختصة، والالتزام بزي مهني خاصة عند توصيل الأغذية، مع الحفاظ على نظافة المركبة وسلوكيات المهنة.

وأضاف أن موثوقية التطبيقات تُقاس عبر عناصر عدة، أبرزها الترخيص الرسمي من الجهات المختصة، تقييمات العملاء، وجود سياسات حماية واضحة، وشفافية عرض بيانات المندوبين ومسارات التوصيل، مشددًا على ضرورة تفعيل آليات الشكاوى فور المخالفة، عبر الدعم الفني أو الجهات الرقابية.

وفي سياق تطوير القطاع، طرح العطاس عددًا من الأفكار، مثل إنشاء نظام تقييم متقدم يتجاوز النجوم التقليدية ليقيس الأداء الفعلي إلى جانب دورات تدريبية إلزامية، وشارات رقمية تميّز المندوبين الملتزمين، مع تخصيص فرق رقابة ميدانية تُجري طلبات وهمية لرصد الأداء.

واقترح أيضًا تطبيق نظام غرامات ذكي، يربط المخالفة بحجمها وخطورتها، مثل غرامة تصل إلى 500 ريال مع إيقاف دائم في حال التلاعب بالطلب، أو غرامات مخففة في حالات التأخير أو عدم الالتزام بالنظافة، مع إتاحة خيار الاعتراض خلال 24 ساعة وتشديد العقوبة في حال التكرار.

من جهته، أوضح الباحث القانوني عبد الملك الفاسي أن الجهات التنظيمية، وعلى رأسها الهيئة العامة للنقل ووزارة الموارد البشرية وهيئة الاتصالات، وضعت اشتراطات واضحة للعمل في هذا القطاع، من بينها رخصة قيادة سارية، ملكية المركبة أو تفويض رسمي، وتوثيق البيانات عبر منصة "وصل".

وبيّن الفاسي أن التحقق من موثوقية التطبيق يتم من خلال مراجعة ارتباطه بمنصة "وصل"، تقييمات العملاء، وضوح بيانات المندوب، وتوفر دعم فني مباشر، مؤكدًا أن هذه العناصر تعزز من شفافية الخدمة وتمنح المستهلك وسيلة فعالة للتعامل مع أي خلل.

وفي حال حدوث مخالفات، نصح الفاسي بالإبلاغ الفوري عبر التطبيق أو منصة "كلنا أمن"، ما يتيح إيقاف المندوب مؤقتًا أو دائمًا حسب نوع المخالفة، مع تدخل الجهات المختصة عند الضرورة، الأمر الذي يسهم في بناء منظومة موثوقة وعادلة.

واقترح الفاسي أيضًا إطلاق برامج تحفيزية للمندوبين المتميزين مثل نظام "النجمة الذهبية"، وتقديم شهادات موثقة لتعزيز مصداقيتهم لدى العملاء، إلى جانب تعويض المتضررين في حالات التلف أو الفقد، بما يرسخ مفهوم العدالة وجودة الخدمة.

وأشار إلى أن الحفاظ على سمعة التطبيق والمندوب لا يقتصر على الجوانب التقنية، بل يشمل ثقافة التوصيل ذاتها، من احترام الخصوصية، واللباقة في التعامل، والالتزام بالمواعيد، وهذه قيم ينبغي ترسيخها عبر التدريب والرقابة والتشجيع.

وأكد المختصان أن تحسين بيئة العمل وتقديم الحوافز سيسهم في استقطاب الكفاءات والحد من العشوائية، لافتين إلى أن قطاع التوصيل في المملكة يملك فرصًا هائلة للنمو والتحول إلى نموذج تشغيلي يحتذى به إقليميًا.

واختتما حديثهما بالتأكيد على أن التوصيل بات جزءًا لا يتجزأ من حياة المواطنين والمقيمين، ما يحتم تطوير التشريعات بما يواكب هذا الواقع، من خلال أنظمة ذكية تجمع بين العدالة والصرامة والتحفيز.

وفي ظل هذه التحديات والفرص، يبقى ضبط هذا القطاع مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الجهات التنظيمية، والمنصات الرقمية والمندوبين أنفسهم، بهدف تقديم تجربة موثوقة وآمنة واحترافية تلبي تطلعات المستهلكين في المملكة.