الأمن البيئي

يقظة الأمن البيئي تكشف مخالفة خطيرة.. القبض على متورط في تجريف التربة بالمدينة المنورة

كتب بواسطة: تميم بدر |

في مشهد يعكس يقظة الأجهزة المختصة تجاه المخالفات البيئية، أعلنت القوات الخاصة للأمن البيئي عن ضبط مقيم من الجنسية الباكستانية في منطقة المدينة المنورة، بعد أن تورط في استغلال غير نظامي للرواسب الطبيعية باستخدام معدة ثقيلة لنهل الرمال وتجريف التربة.

الحادثة، التي وقعت في نطاق بيئي حساس، أثارت ردود فعل متباينة بين المواطنين والمهتمين بالبيئة، خاصة مع تزايد حالات التعدي على الموارد الطبيعية في عدد من مناطق المملكة، رغم القوانين الرادعة والتشريعات الواضحة.
إقرأ ايضاً:تطور جديد في موقف الهلال من ضم أوسيمين ... فماذا حدث؟!خبر سار للموظفين .. "وزارة المالية" تُعلن عن تقديم موعد صرف الرواتب لهذا الموعد!

القوات البيئية، وعبر بيانها الرسمي، أوضحت أن المعدات المضبوطة كانت تُستخدم بشكل غير مشروع، ما يُعد انتهاكاً صريحاً لنظام البيئة ويُهدد التوازن الطبيعي في منطقة تعاني بطبيعتها من الهشاشة الجيولوجية والتنوع الحيوي المحدود.

ولم تُفصح الجهات المعنية عن حجم الأضرار الناجمة عن التجريف، لكنها أكدت اتخاذ الإجراءات النظامية بحق المخالف، وهو ما يشير إلى جدية التعامل مع مثل هذه الحالات وفق مبدأ "الردع قبل التكرار".

البيان لم يكن موجهاً فقط لتوضيح الواقعة، بل حمل بين سطوره رسالة واضحة لكل من يحاول التلاعب بالموارد أو استغلالها دون ترخيص، مفادها أن الرصد والمحاسبة مستمران، والمخالفات لن تمر دون عقاب.

ويُعد نهل الرمال من أخطر الأنشطة غير القانونية التي تؤثر سلباً على البيئة، إذ تُسبب انجرافات أرضية وتدميراً للموائل الطبيعية، فضلاً عن تغيير أنماط جريان المياه وتفاقم التصحر.

ومن خلال الإشارة إلى أرقام الطوارئ، حثت القوات الخاصة للأمن البيئي المواطنين والمقيمين على الإبلاغ عن أي نشاطات مشابهة، في دعوة للمشاركة المجتمعية في حماية البيئة، وتأكيد على أن الأمن البيئي مسؤولية جماعية لا تقتصر على الجهات الرسمية وحدها.

هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، إذ شهدت المملكة في السنوات الأخيرة العديد من الحملات الميدانية التي استهدفت ممارسات التعدي على الأودية، والتجريف غير المرخص، ونهل الرمال وبيعها، وهو ما جعل من البيئة محوراً رئيساً في سياسات الرقابة.

وتأتي هذه الإجراءات ضمن جهود المملكة لتحقيق استدامة بيئية شاملة، تتماشى مع مستهدفات رؤية 2030، التي تضع حماية الموارد الطبيعية ضمن أولوياتها، سواء عبر القوانين أو المبادرات المجتمعية.

ويؤكد المتابعون أن تكرار مثل هذه الحوادث يسلط الضوء على أهمية زيادة الوعي المجتمعي تجاه القضايا البيئية، ليس فقط لردع المخالفين، بل لحماية الثروات التي لا تعوض في بيئات قاحلة وشبه صحراوية كبيئة المدينة المنورة.

ورغم الضوابط والإجراءات المشددة، لا تزال بعض التجاوزات الفردية تُشكل تهديداً حقيقياً، ما يدعو إلى تفعيل الرقابة التقنية، كاستخدام الطائرات المسيرة والاستشعار عن بعد، لرصد الأنشطة المشبوهة في مناطق يصعب تغطيتها ميدانياً.

اللافت في هذه الواقعة أن المعتدي مقيم وليس مواطناً، ما يعكس ضرورة إلزام كافة شرائح المجتمع بقوانين البيئة، خصوصاً العمالة التي تعمل في القطاعات المرتبطة بالبناء والتشييد والتعدين.

وتسعى القوات الخاصة للأمن البيئي إلى فرض هيبة القانون في كل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة، كجزء لا يتجزأ من الأمن الوطني الشامل، الذي لا يقتصر على الجريمة المنظمة أو التهديدات الأمنية التقليدية.

ويأتي هذا التحرك كخطوة ضمن سلسلة طويلة من التدخلات التي تؤكد أن العبث بالبيئة لم يعد مقبولاً بأي شكل، وأن عصر الصمت والتجاهل قد انتهى، ليبدأ عهد جديد من المساءلة الصارمة.

في نهاية المطاف، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستكون هذه القضية رادعاً كافياً، أم أننا أمام نمط متكرر يتطلب حلولاً أكثر صرامة وتنوعاً؟ الأكيد أن البيئة لم تعد ملفاً هامشياً، بل صارت جزءاً لا يتجزأ من معادلة الأمن والتنمية في المملكة.