أعلنت وكالة الفضاء السعودية صباح اليوم عن انطلاق مهمة فضائية دولية جديدة من مركز كينيدي للفضاء في ولاية فلوريدا الأمريكية، حملت على متنها عشر تجارب علمية مبتكرة من تصميم وتنفيذ طلبة سعوديين وآخرين من مختلف أنحاء العالم العربي.
التجارب الفائزة جاءت من خلال مسابقة "الفضاء مداك"، التي نظّمتها الوكالة بالتعاون مع مؤسسة محمد بن سلمان "مسك"، ومركز "علمي" لاكتشاف العلوم والابتكار، في خطوة تعكس التزام المملكة الجاد بتعزيز الابتكار العلمي، وبناء كوادر وطنية شابة قادرة على الريادة في ميادين الفضاء والعلوم التطبيقية.
إقرأ ايضاً:وهم العلاجات الطبيعي.. طبيب قلب يحذر من استخدام خل التفاح يوميًا انتبه لهذه المخاطر!خبير نفسي يشرح أسباب اكتئاب ما بعد التخرج ويقترح العلاج
هذه المهمة تمثل واحدة من أبرز المبادرات السعودية في مجال الفضاء، حيث تتيح للمرة الأولى لعدد من الطلاب من العالم العربي اختبار أفكارهم البحثية على متن محطة الفضاء الدولية، ضمن بيئة الجاذبية الصغرى.
الأمر الذي يمنحهم فرصة نادرة لاختبار سلوك المواد والمكونات والتفاعلات في ظروف فضائية لا يمكن محاكاتها على الأرض بدقة، ما يفتح آفاقاً جديدة لفهم أعمق لعلوم النبات والهندسة والفنون في بيئة غير تقليدية.
وقد تميزت المسابقة بزخم كبير، إذ تجاوز عدد المشاركين فيها 80 ألف طالب وطالبة من مختلف دول العالم العربي، تنافسوا على تقديم مشاريع علمية في ثلاثة مسارات رئيسة: الفنون، النباتات، والهندسة.
هذا التنوع في المحاور يُظهر فهمًا متقدمًا لأهمية تكامل العلوم التطبيقية مع المهارات الإبداعية، وضرورة دفع حدود البحث العلمي خارج الأطر التقليدية، بما يسهم في إثراء تجربة الجيل الجديد من المبدعين في المنطقة.
النجاح في اختيار عشرة مشاريع متميزة من هذا الكم الهائل من المشاركات لم يكن أمرًا سهلاً، بل تطلب عمليات فرز وتحكيم دقيقة على يد لجان علمية دولية متخصصة، للتأكد من الجدارة العلمية وقابلية التنفيذ، ومدى مساهمة كل تجربة في تطوير معرفة علمية قابلة للاستخدام في أبحاث الفضاء.
وقد عبّر مسؤولو وكالة الفضاء السعودية عن فخرهم بالمستوى العالي من الاحترافية والإبداع الذي أظهره الطلبة الفائزون، مؤكدين أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو بناء قاعدة معرفية تنافس عالمياً.
وتُعد هذه المهمة امتداداً لجهود المملكة المستمرة في الانخراط الفعّال بالبرامج الفضائية الدولية، حيث تسعى وكالة الفضاء السعودية إلى بناء شراكات استراتيجية مع وكالات ومراكز أبحاث فضائية كبرى، بما يعزز حضور المملكة على الخارطة العالمية للعلوم الفضائية.
كما تسهم هذه الخطوة في توفير فرص تعليمية متقدمة للطلبة الموهوبين، وتمكينهم من العمل على مشاريع بحثية ذات صلة مباشرة بالتكنولوجيا المتقدمة والابتكار.
يُذكر أن المسابقة تحمل اسم "الفضاء مداك"، وقد أُطلقت بهدف تحويل اهتمامات الطلبة إلى مشاريع واقعية ذات قيمة بحثية عالية.
وتمثل المسابقة نموذجًا ملهمًا لما يمكن أن يتحقق عندما تتضافر الجهود بين المؤسسات الوطنية التعليمية والتقنية، ومراكز الابتكار، لرعاية العقول الناشئة وتحويلها إلى طاقات منتجة ومؤثرة في مستقبل المملكة والمنطقة بأسرها.
كما تعكس هذه المبادرة التزام السعودية بتحقيق مستهدفات رؤية 2030 في مجال الاقتصاد المعرفي، من خلال إعداد أجيال متخصصة في تقنيات المستقبل، وعلى رأسها قطاع الفضاء الذي يُعد من أسرع القطاعات نموًا عالميًا.
وبينما تستمر المملكة في ضخ الاستثمارات العلمية والتعليمية النوعية، فإن هذا الحدث يبرهن على أن الشباب السعودي والعربي قادر على المنافسة، والمساهمة الفعلية في المسارات العلمية الأكثر تطورًا وتعقيدًا.
الرحلة إلى محطة الفضاء الدولية التي انطلقت اليوم لا تُعد مجرد حدث علمي، بل هي تجسيد لطموح أمة تستثمر في شبابها، وتؤمن أن المستقبل يُصنع بأيدي المبدعين.
ومع كل تجربة تصل إلى الفضاء، تُكتب صفحة جديدة من الحضور العلمي السعودي والعربي في الفضاء الكوني، وتُفتح نافذة أمل لعقول ناضجة، تُحلّق بأفكارها حيث لا حدود للابتكار.