أطلقت أمانة العاصمة المقدسة صباح اليوم حملة رقابية موسعة في عدد من الأحياء الحيوية بمكة المكرمة، في خطوة جريئة تهدف إلى إعادة ضبط المشهد الحضري والتجاري وضمان التزام الأنشطة المختلفة بالأنظمة والاشتراطات البلدية.
شملت الحملة ستة أحياء رئيسية هي بئر الغنم، الجعرانة، ملكان، الحسينية، اللحيانية، والعمرة، حيث باشرت فرق الرقابة الميدانية تنفيذ إجراءات صارمة لمراقبة وتحديث أوضاع المباني والمنشآت التجارية، في إطار مساعي الأمانة لتكريس معايير جودة الحياة والحد من العشوائيات والمخالفات.
إقرأ ايضاً:وهم العلاجات الطبيعي.. طبيب قلب يحذر من استخدام خل التفاح يوميًا انتبه لهذه المخاطر!خبير نفسي يشرح أسباب اكتئاب ما بعد التخرج ويقترح العلاج
وجاءت هذه الحملة ضمن سلسلة من الخطوات المتصاعدة التي تتبناها أمانة العاصمة، لترسيخ نظام عمراني أكثر انتظامًا وأمانًا واستدامة، ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
الحملة ركزت على إزالة أي مظهر من مظاهر الفوضى والتعديات، وواجهت عددًا من الأنشطة التجارية المخالفة، وعلى رأسها المستودعات التي تقع خارج النطاقات المخصصة، والتي غالبًا ما تُدار بعيدًا عن أعين الرقابة، دون تراخيص نظامية، وتفتقر إلى معايير السلامة والاشتراطات البيئية.
ومن أبرز الإجراءات التي نفذتها الأمانة اليوم، الإغلاق الفوري للمستودعات العشوائية والورش الصناعية غير المرخصة، وكذلك مواقع التشليح التي تمارس أنشطتها في بيئات غير آمنة وتشوه النسيج العمراني للمدينة.
وتضمنت الحملة أيضًا وقف الخدمات عن هذه المواقع، وإلزام أصحابها بتصحيح أوضاعهم أو التعرض للعقوبات النظامية التي قد تصل إلى الإزالة الكاملة، مما يعكس حزم الجهات الرقابية في التعامل مع مثل هذه المخالفات.
وبالإضافة إلى الجانب التنفيذي، عملت الفرق الميدانية على تحديث شامل لبيانات المنشآت في الأحياء المستهدفة، من خلال مطالبة أصحاب العقارات بتقديم وثائق الملكية وتراخيص البناء والتشغيل، بما يضمن مطابقة بياناتهم للأنظمة البلدية المعتمدة.
وتأتي هذه الخطوة لضمان التحقق من الوضع النظامي لكل موقع ومنشأة، ومعالجة الثغرات التي كانت تتسبب في انتشار أنشطة غير مرخصة أو قيام منشآت على أراضٍ مخالفة أو مجهولة الملكية.
هذه الإجراءات لا تمثل فقط تصحيحًا لحالة قائمة، بل تُعد جزءًا من توجه إستراتيجي شامل لإعادة هيكلة النمو العمراني في مكة المكرمة، حيث تسعى الأمانة إلى تحقيق تكامل عمراني وتجاري يدعم البيئة الحضرية النظيفة والمنظمة، ويسهم في الارتقاء بجودة الحياة لسكان المدينة وزوارها.
وتأتي هذه الخطوات في وقت تزداد فيه الضغوط على البنية التحتية والخدمات العامة بسبب التوسع العمراني الكبير الذي تشهده مكة، مما يجعل الرقابة الدقيقة أمرًا بالغ الأهمية.
ولم تغفل الأمانة في حملتها الجانب التوعوي، إذ تم إشعار عدد كبير من أصحاب الورش والمستودعات بأهمية تصحيح أوضاعهم بما يتوافق مع الأنظمة، وتقديم الدعم الفني والإرشادي للجهات الراغبة في الانتقال إلى مناطق صناعية أو تجارية معتمدة تتوافر فيها البنية التحتية والخدمات اللازمة.
كما تم توزيع منشورات توعوية على نطاق واسع لتوضيح المخالفات الأكثر شيوعًا والنتائج المترتبة عليها، مما يرفع من مستوى الوعي المجتمعي بدور الرقابة البلدية.
ويُتوقع أن تمتد هذه الحملة إلى أحياء إضافية خلال الأسابيع المقبلة، خاصة بعد أن أظهرت النتائج الأولية للحملة فاعلية كبيرة في ضبط عدد من المخالفات، وإعادة تنظيم بعض المواقع التي كانت تمثل مصدر إزعاج بيئي وسكاني.
وتراهن أمانة العاصمة المقدسة على تعاون السكان وأصحاب المنشآت في إنجاح هذه المبادرة، التي لن تتوقف عند حدود التصحيح بل تهدف إلى بناء نموذج عمراني وتجاري مثالي يُحتذى به على مستوى مدن المملكة.
وفي ظل ما تشهده مكة المكرمة من تطورات متسارعة على مستوى البنية التحتية والأنشطة الاقتصادية، فإن مثل هذه الحملات تُعد ضرورية لضمان بقاء المدينة ضمن المسار التنموي الصحيح، القائم على التنظيم والرقابة والتكامل بين المؤسسات والمواطنين.
وتؤكد الأمانة في كل تحرك أنها ماضية في استكمال برامجها الرقابية والتنموية، دون تهاون مع أي مخالفة، ودون تراجع عن هدفها في بناء مدينة تليق بمكانتها الدينية والتاريخية والاقتصادية.