بنك أبوظبي الأول

بنك أبوظبي الأول يعزز سيولته ويواصل خطط التوسع الدولي

كتب بواسطة: محمد وزان |

في خطوة لافتة تعكس حراكاً نشطاً في السوق المالية الإماراتية، أعلنت مجموعة سيتي المصرفية، أن بنك أبوظبي الأول، أكبر مؤسسة مصرفية في دولة الإمارات من حيث حجم الأصول، يخطط لجمع نحو 480 مليون دولار من خلال عملية طرح ثانوي، وتأتي هذه الخطوة ضمن إستراتيجية البنك لتعزيز مرونته المالية، وتوسيع نطاق استثماراته، داخليًا وخارجيًا، في ظل بيئة مالية تتسم بتغيرات إقليمية ودولية متسارعة.

وأوضحت المجموعة، التي تتولى دور مدير الدفاتر للطرح، أن أحد المساهمين، الذي لم يُفصح عن هويته، عرض ما يقارب 113 مليون سهم من أسهم بنك أبوظبي الأول للبيع، عبر عملية اكتتاب متسارعة تم تحديد سعر السهم فيها عند 15.5 درهم إماراتي، ما يعادل نحو 4.22 دولار أمريكي، وهذه العملية، وفق ما ورد، لقيت استجابة فورية من المستثمرين، حيث تمت تغطية الاكتتاب بالكامل، مع تسجيل طلبات تجاوزت عدد الأسهم المطروحة، في مؤشر على جاذبية السهم وثقة الأسواق في أداء البنك المستقبلي.

الطرح الثانوي تم بسعر أقل بنسبة 3.7% من سعر الإغلاق الرسمي لأسهم بنك أبوظبي الأول في نهاية تداولات الجمعة، والذي بلغ 16.1 درهم، وهذا الخصم الطفيف غالبًا ما يُستخدم كحافز للمستثمرين عند إجراء عمليات اكتتاب عاجلة، كما يعكس رغبة قوية في إنجاح العملية سريعًا دون المساس بثقة السوق في تقييم السهم، ويُعد هذا النوع من الطروحات الثانونية شائعًا في الأسواق المتقدمة، كوسيلة لتعزيز السيولة وتدوير الأسهم بين المستثمرين المؤسسيين.

ويعد بنك أبوظبي الأول أحد أبرز أركان القطاع المصرفي في دولة الإمارات، ليس فقط لحجمه بل أيضًا لامتداد نشاطه إقليميًا ودوليًا، وتملك شركة مبادلة للاستثمار، وهي صندوق ثروة سيادي تابع لحكومة أبوظبي وتبلغ قيمة أصوله نحو 330 مليار دولار، الحصة الأكبر في البنك، ما يعزز من ثقله المالي والاستراتيجي داخل المنظومة الاقتصادية للدولة، وترتبط مبادلة بشكل وثيق بمشروعات التنمية والاستثمارات طويلة الأمد، مما يجعل وجودها كمساهم رئيسي عنصر دعم قوي للبنك.

بحسب أحدث البيانات المالية، بلغت قيمة أصول بنك أبوظبي الأول 1.31 تريليون درهم بنهاية مارس/آذار الماضي، ما يعادل أكثر من 357 مليار دولار، وهذا الحجم الكبير للأصول يعكس متانة المركز المالي للبنك، وقدرته على تنفيذ استراتيجيات توسعية تتطلب رؤوس أموال ضخمة، سواء عبر عمليات استحواذ أو دخول أسواق جديدة، كما يمنحه موقعه القيادي في السوق الإماراتية هامشاً واسعاً من المرونة عند اتخاذ قرارات استثمارية كبرى.

ويبدو أن البنك ينظر لما بعد الحدود الخليجية في طموحاته التوسعية. ففي عام 2023، أعلن أنه يدرس إمكانية تقديم عرض استحواذ على بنك "ستاندرد تشارترد" البريطاني، أحد أعرق المصارف المدرجة في بورصة لندن، ورغم أن تلك الخطوة لم تترجم إلى صفقة فعلية حتى الآن، إلا أنها تكشف عن رغبة البنك في تعزيز حضوره العالمي، والخروج من الإطار الإقليمي إلى الساحة المالية العالمية، خاصة في ظل التوجه الحكومي لدولة الإمارات نحو تنويع مصادر الدخل والاستثمار الدولي.

وتعزز هذه الخطوة المصرفية من مكانة الإمارات كمركز مالي نشط في الشرق الأوسط، قادر على استقطاب رؤوس الأموال الدولية، وتنفيذ صفقات مالية كبرى بسرعة وكفاءة، فالطرح الثانوي الذي شهد تغطية تفوق المعروض خلال ساعات، يعكس ليس فقط الجاذبية الاستثمارية لبنك أبوظبي الأول، بل أيضًا نضج السوق الإماراتية من حيث البنية التحتية، والتشريعات، والسيولة المؤسسية.

كما تؤشر هذه العملية إلى نية المستثمر البائع لإعادة ترتيب محفظته الاستثمارية أو ربما تنويع استثماراته، دون أن يُحدث ذلك اضطرابًا في هيكل ملكية البنك، لاسيما وأن مبادلة تبقى المساهم الأكبر، ومن غير المستبعد أن يُسهم الطرح الجديد في تعزيز تداولات سهم بنك أبوظبي الأول في السوق الثانوية، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد من قبل المؤسسات العالمية بسوق أبوظبي للأوراق المالية.

ويُتوقع أن تُفتح هذه الخطوة الباب أمام مزيد من التحركات المالية من مؤسسات مصرفية أخرى في المنطقة، سواء عبر طروحات مماثلة أو صفقات استحواذ وتوسع، في ظل بيئة اقتصادية تبحث عن فرص للنمو المستدام، ويُنظر إلى بنك أبوظبي الأول كأحد الجهات الرائدة القادرة على قيادة هذا التحول، مستفيدًا من قوته المالية، وعلاقاته الدولية، وموقعه كمؤسسة مصرفية تحتل مكانة محورية في الاستراتيجية الاقتصادية لدولة الإمارات.