في خطوة استراتيجية تعكس التوجه المستمر لتعزيز دور المملكة العربية السعودية كمركز لوجستي عالمي، أعلنت الهيئة العامة للموانئ "موانئ" عن تدشين خدمة الشحن الجديدة "5CX" التابعة لشركة "SeaLead" في ميناء جدة الإسلامي، أحد أبرز الموانئ على ساحل البحر الأحمر، ويُنتظر أن تسهم هذه الخدمة في تقوية الربط الملاحي بين السعودية وعشرة موانئ إقليمية وعالمية، مما يعزز من حركة التجارة الدولية ويؤكد الأهمية المتزايدة للميناء في خارطة النقل البحري العالمية.
الخدمة الجديدة تمثل إضافة نوعية للبنية التحتية اللوجستية في المملكة، حيث ستعمل على الربط المباشر بين ميناء جدة وموانئ تشينغداو، شنغهاي، نينغبو، ونانشا في الصين، ودمياط في مصر، وألياجا، إزميت، إسطنبول ومرسين في تركيا، وميناء كلانج في ماليزيا، وبهذه الشبكة المتنوعة، تُصبح السعودية على اتصال وثيق مع أسواق رئيسية في آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما يخلق فرصاً أكبر لنمو الصادرات الوطنية وتسهيل تدفق البضائع نحو الداخل والخارج.
تتميز الخدمة الجديدة بطاقتها الاستيعابية التي تصل إلى 1500 حاوية قياسية، وهو ما يعكس كفاءة التشغيل وقدرة الميناء على استيعاب حجم متزايد من الحمولات التجارية، وهذا التطور يأتي في وقت تسعى فيه المملكة إلى تحسين مؤشرات الأداء اللوجستي على المستوى العالمي، حيث يتم التركيز على تطوير الخدمات البحرية والموانئ كجزء من رؤية السعودية 2030، التي تضع التحول اللوجستي في مقدمة أولوياتها الاقتصادية.
ويكتسب ميناء جدة الإسلامي أهمية استراتيجية نظراً لموقعه الحيوي على البحر الأحمر، الذي يُعد أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث تمر عبره نسبة كبيرة من حركة التجارة الدولية بين الشرق والغرب، وهذا الموقع الجغرافي الفريد، إلى جانب وجود 62 رصيفًا متعدّد الأغراض، يمنح الميناء مكانة رائدة في المنطقة، ويجعله مؤهلاً ليكون محوراً رئيسياً في سلاسل الإمداد العالمية.
الهيئة العامة للموانئ أوضحت أن إدخال خدمة "5CX" يأتي في سياق جهودها المتواصلة لتعزيز مكانة الموانئ السعودية على خارطة الشحن الدولي، من خلال تبني أحدث الحلول اللوجستية وتوسيع شبكة خطوط الملاحة البحرية، وتسعى "موانئ" إلى تقديم خدمات عالية الجودة تتسم بالمرونة والكفاءة، بما يسهم في رفع كفاءة العمليات وتقليص أوقات المناولة، وبالتالي تقليل التكاليف على العملاء والمصدرين والمستوردين.
هذا التطور يواكب التغيرات السريعة في قطاع النقل البحري العالمي، حيث باتت الموانئ تتنافس على جذب أكبر عدد ممكن من الخطوط البحرية من خلال تطوير بنيتها التحتية وتسهيل الإجراءات وتحسين الخدمات، ومن خلال هذه الخطوة، تؤكد السعودية قدرتها على التكيف مع التحولات اللوجستية العالمية، وعلى لعب دور محوري في ربط القارات الثلاث: آسيا، وأفريقيا، وأوروبا.
وفي ظل هذه الإنجازات، تتعزز ثقة المستثمرين العالميين في قدرات المملكة كمركز رئيسي لحركة البضائع وسلاسل الإمداد، وهو ما يتماشى مع الطموحات الوطنية لتعزيز مساهمة القطاع اللوجستي في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل، وتبرز هنا أهمية مثل هذه الخطوط البحرية في فتح أسواق جديدة للمنتجات السعودية، وتحفيز الصناعة الوطنية عبر تسهيل وصولها إلى الأسواق العالمية.
يأتي الإعلان عن خدمة "5CX" كإضافة جديدة إلى سلسلة من النجاحات التي حققها ميناء جدة الإسلامي في السنوات الأخيرة، والتي جعلته أحد أهم ركائز الاقتصاد السعودي البحري، ومن المرجح أن يستمر الزخم في هذا الاتجاه مع المزيد من الاستثمارات والتوسعات المستقبلية التي تهدف إلى تحقيق التكامل اللوجستي الكامل وجعل المملكة بوابة تجارية بين الشرق والغرب.