شهدت الليرة السورية اليوم الأحد تراجعًا جديدًا في قيمتها مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية بعد أن سجلت انخفاضًا واضحًا في عدد من المدن الكبرى، يأتي ذلك في وقت يستمر فيه مصرف سوريا المركزي في تثبيت سعر الصرف الرسمي عند مستوى مرتفع نسبيًا، ما يعكس الفجوة المتزايدة بين السوق الرسمية والموازية، ويثير تساؤلات حول قدرة السياسات النقدية على كبح الانهيار المتواصل للعملة المحلية.
ففي العاصمة دمشق ومدينتي حلب وإدلب، تراجع سعر صرف الليرة إلى 9900 ليرة مقابل الدولار عند الشراء مقارنة بـ9650 ليرة مساء أمس، كما انخفض إلى 10 آلاف و50 ليرة عند البيع بعد أن كان 9800 ليرة، أما في مدينة الحسكة فقد بلغ سعر الصرف 10 آلاف و150 ليرة للشراء و10 آلاف و250 ليرة للبيع، مما يشير إلى موجة انخفاض متزامنة في مختلف المناطق السورية رغم بعض العوامل السياسية التي كان يُتوقع أن تدعم استقرار العملة.
من جانبه، حافظ مصرف سوريا المركزي على سعر الصرف الرسمي عند 11 ألف ليرة للشراء و11 ألفًا و110 ليرات للبيع، دون تعديل يُذكر منذ بداية مايو، كما منح المصرف البنوك وشركات الصرافة المرخصة صلاحيات أوسع لتحديد أسعار الصرف ضمن هوامش محددة حول السعر الرسمي، وهو ما فسره مراقبون بأنه محاولة لضبط السوق دون المساس بالرقم الرسمي الذي يُستخدم في التعاملات الحكومية والمالية الدولية.
ويرجع محللون اقتصاديون أسباب هذا التذبذب إلى حالة المضاربة الواسعة في السوق، بالإضافة إلى التأثيرات النفسية الناتجة عن التصريحات السياسية، خاصة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الأميركية بالكامل عن سوريا، ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، وهو ما اعتبره البعض مؤشراً لتغير اقتصادي مرتقب، إلا أن محللين آخرين شككوا في إمكانية تحقق أي استقرار حقيقي قبل مرور أشهر على الأقل بسبب تعقيدات إجرائية تعيق التنفيذ الفوري.
ويُضاف إلى ذلك تحركات إقليمية ودولية تدعم المسار الاقتصادي السوري، منها وعود قطر والسعودية بسداد المتأخرات المستحقة على دمشق للبنك الدولي، ومبادرات قطرية لتغطية رواتب موظفي القطاع العام، فضلاً عن رفع بريطانيا لتجميد الأصول عن مؤسسات حكومية سورية، وعودة التعاون مع صندوق النقد الدولي، إلا أن هذه الخطوات، رغم أهميتها، لم تؤثر بعد بشكل ملموس على سعر صرف الليرة في السوق الموازية، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على توظيف هذه المبادرات لتعزيز استقرار العملة وتحقيق التعافي الاقتصادي المنتظر.