تسليم جوازات

الكويت تبدأ تسليم جوازات المسحوبات جنسياتهن وفق المادة الثامنة

كتب بواسطة: تميم بدر |

في خطوة تحمل أبعاداً قانونية وإنسانية، أعلنت الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر في دولة الكويت بدء تسليم جوازات السفر للنساء اللواتي تم سحب جنسياتهن بموجب المادة الثامنة من قانون الجنسية الكويتي، يأتي هذا القرار بعد فترة من الانتظار والترقب، حيث تم توجيه المستفيدات من هذا الإجراء إلى ضرورة حجز موعد مسبق عبر منصة "متى" الإلكترونية، المتوفرة ضمن تطبيق "سهل" الحكومي، ما يعكس توجهاً نحو تسهيل الإجراءات عبر القنوات الرقمية.

وقد أصدرت وزارة الداخلية الكويتية بياناً أكدت فيه التزامها الكامل بتنفيذ الأوامر والتوجيهات العليا التي تنص على السماح بسفر النساء المشمولات بالمادة الثامنة، وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الوزارة إلى تعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الأفراد، مع ضمان التنظيم المحكم لسير العمل بما يتوافق مع المعايير المعتمدة، ويخدم المصلحة العامة.

ويشير البيان إلى أن الدولة، من خلال وزارة الداخلية، تتعامل مع الفئة المشمولة بهذه الإجراءات باعتبارهن مواطنات كويتيات في إطار التعامل الإداري والخدمي، بما يوفر لهن المعاملة التي تليق بوضعهن الاجتماعي والإنساني، ويبدو أن هذه الخطوة تمثل جزءاً من مراجعة أوسع للسياسات المتعلقة بالجنسية والإقامة، خاصة في ضوء التطورات التي تشهدها البلاد على المستويين السياسي والحقوقي.

المادة الثامنة من قانون الجنسية الكويتي تشكل محوراً قانونياً حساساً، إذ تنص على إمكانية سحب الجنسية في حالات محددة تتعلق بالمصلحة العامة أو انتهاك شروط التجنيس، وقد أثارت هذه المادة جدلاً واسعاً خلال السنوات الماضية، لا سيما عندما طُبّقت على حالات أثارت اهتمام الرأي العام المحلي والدولي، ومن هنا، يمثل قرار إعادة تسليم الجوازات بادرة تهدئة لملف ظل محل نقاش دائم.

وبينما لم تُعلن الوزارة عن أعداد محددة للمستفيدات من هذا القرار، إلا أن الإشارة إلى المنصة الرقمية كوسيلة أساسية لحجز المواعيد يعكس سعياً نحو ضبط وتنظيم العملية بطريقة تمنع التكدس وتحقق العدالة في منح الأولوية، ويبدو أن هذا النهج يأتي متسقاً مع السياسات الحكومية الرامية إلى التحول الرقمي في تقديم الخدمات.

من جهة أخرى، يعتبر هذا التطور خطوة إلى الأمام في معالجة تداعيات سحب الجنسية، وهي مسألة تمس أبعاداً قانونية وحقوقية دقيقة، وفيما تحتفظ الدولة بحقها السيادي في إدارة ملف الجنسية وفقاً للقانون، فإن هذا القرار يُظهر انفتاحاً على التفاعل الإيجابي مع الحالات الإنسانية، بما ينسجم مع مبادئ العدالة والشفافية.

ويُنظر إلى هذه المبادرة كجزء من إصلاحات أوسع قد تطال تشريعات الجنسية في البلاد، إذ سبق وأن طالبت منظمات حقوقية داخلية وخارجية بضرورة إعادة النظر في بعض المواد القانونية المتعلقة بالجنسية، بما يضمن التوازن بين حفظ الأمن القومي واحترام حقوق الإنسان، ومن المرجح أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام مزيد من المطالبات بإصلاحات أوسع في هذا الإطار.

وفي الختام، يترقب الشارع الكويتي، ومعه العديد من الجهات الحقوقية، الخطوات المقبلة التي قد تتخذها الدولة في هذا الملف، سواء على مستوى إعادة الجنسية أو تحسين أوضاع من سُحبت منهم، وبينما تبقى السيادة الوطنية فوق كل اعتبار، فإن التقدم في هذا الملف سيُحسب للدولة على أنه توجه نحو مزيد من الانفتاح والمراجعة القانونية الرشيدة، بما يعزز صورتها الإقليمية والدولية.