كريم بنزيما

كأس الملك يشهد مشهداً مؤثراً بين نجمي ريال مدريد السابقين

كتب بواسطة: رانية كريم |

في مشهدٍ كرويٍّ امتزجت فيه التنافسية بالروح الرياضية، استطاع النجم الفرنسي كريم بنزيما أن يقود فريقه الاتحاد السعودي إلى التتويج بلقب كأس الملك، بعد أن تغلبوا على القادسية بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، في اللقاء النهائي الذي احتضنه ملعب الإنماء بمدينة جدة مساء الجمعة، وقد حملت المباراة في طياتها لحظاتٍ مثيرة داخل المستطيل الأخضر، إلى جانب مشاهد إنسانية لافتة بين رفاق الأمس، حين التقى بنزيما بزميله السابق في ريال مدريد الإسباني، ناتشو، الذي يقود حالياً خط دفاع نادي القادسية.

بدأت الأجواء مشحونة بالحماس مع دخول الفريقين إلى أرضية الملعب، حيث التقى النجمان وجهاً لوجه خلال مراسم إجراء قرعة البداية، وتبادلا التحية والعناق في لقطة لاقت صدى واسعاً بين جماهير كرة القدم، ورغم أن كليهما يرتدي اليوم قميصين مختلفين، إلا أن الذكريات والمودة التي جمعت بينهما لسنوات في قلعة "الميرينغي" كانت حاضرة بكل وضوح على ملامحهما، حيث تقاسما خلالها منصات التتويج في مناسبات أوروبية وعالمية عديدة.

المباراة نفسها جاءت قوية من الطرفين، لكن خبرة لاعبي الاتحاد، وعلى رأسهم بنزيما، كانت حاسمة في لحظات فارقة من اللقاء، فقد ظهر النجم الفرنسي بثقة كبيرة، قاد بها خط الهجوم وأربك دفاعات القادسية، مما مهد الطريق لفريقه لتسجيل ثلاثية نظيفة قبل أن يقلص القادسية الفارق بهدف شرفي في الدقائق الأخيرة، ومع إطلاق الحكم صافرة النهاية، أعلن الاتحاد نفسه بطلاً للنسخة الحالية من كأس الملك، وسط احتفالات جماهيرية ضخمة غمرت مدرجات ملعب جدة.

لكن ما لفت الأنظار أكثر من مجريات المباراة كان تصرف بنزيما بعد نهاية اللقاء، حينما اتجه مباشرة نحو ناتشو، الذي بدت عليه علامات الحزن بعد خسارة فريقه، وبكل احترام وتقدير، اقترب منه النجم الفرنسي، وعانقه بحرارة، ثم تحدث إليه بكلمات دعم ومواساة تعكس عمق العلاقة التي جمعت بينهما طيلة سنوات من اللعب المشترك في ريال مدريد، وكانت تلك اللحظة درساً راقياً في الروح الرياضية وواحدة من أجمل مشاهد النهائي.

العلاقة بين بنزيما وناتشو تمتد إلى أكثر من مجرد زمالة داخل الملعب. فخلال أكثر من عقد في ريال مدريد، عاش اللاعبان العديد من اللحظات الحاسمة، وتقاسما الألقاب في البطولات الكبرى، فمن دوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي، إلى الدوري الإسباني وكأس الملك، مروراً بكأس العالم للأندية، شكّل اللاعبان جزءاً من الجيل الذهبي للفريق الملكي الذي كتب اسمه في تاريخ كرة القدم الأوروبية.

ولعل ما يزيد من قيمة هذا اللقاء بين النجمين أنه جاء في مرحلة متقدمة من مسيرتهما المهنية، حيث يبلغ بنزيما اليوم 36 عاماً، فيما يبلغ ناتشو 35 عاماً، ما يضفي بعداً عاطفياً وإنسانياً على مواجهتهما، فالزمن الذي قضياه معاً في مدريد كان أكثر من مجرد فترة مهنية، بل امتد ليكوّن صداقة قائمة على الاحترام والثقة، وهو ما ظهر جلياً في لحظات ما بعد المباراة.

وتفاعل الجمهور بشكل واسع مع هذا المشهد، حيث امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بصور العناق الحار بين بنزيما وناتشو، مع تعليقات تثني على أخلاق اللاعبين وتسلط الضوء على القيم التي يمكن أن تقدمها كرة القدم، بعيداً عن المنافسة والنتائج، فالرياضة، كما أكدت هذه اللقطة، يمكن أن تكون جسراً للتواصل الإنساني، حتى بين الفرق المتنافسة.

بهذا التتويج، يُضيف نادي الاتحاد إنجازاً جديداً إلى سجل بطولاته المحلية، فيما يُعد اللقب هو الأهم منذ انضمام كريم بنزيما إلى صفوفه، قادماً من الدوري الإسباني، ومن جانبه، يواصل اللاعب الفرنسي تقديم مستويات متميزة في الملاعب السعودية، مؤكداً أنه لا يزال رقماً صعباً في كرة القدم رغم تقدمه في السن، بينما سيبقى المشهد الإنساني الذي جمعه بناتشو، هو الأبرز في ليلة الكأس.