هيئة الطيران المدني

24 ساعة من العزلة الجوية: باكستان تُغلق سماءها أمام الطائرات

كتب بواسطة: رانية كريم |

أعلنت هيئة الطيران المدني في باكستان، السبت تمديد إغلاق المجال الجوي للبلاد لمدة 24 ساعة إضافية، في خطوة تعكس تصاعد حدة التوتر العسكري بين إسلام آباد ونيودلهي، وسط مخاوف إقليمية متزايدة من انزلاق الوضع نحو مواجهة مباشرة بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا.

وجاء في بيان رسمي صادر عن الهيئة أن المجال الجوي الباكستاني سيظل مغلقًا بالكامل أمام جميع أشكال الرحلات الجوية حتى الساعة الثانية عشرة من ظهر الأحد بالتوقيت المحلي، وذلك بعد أن كان من المقرر إعادة فتحه ظهر السبت، هذا القرار المفاجئ جاء بعد ساعات من تصعيد خطير، تمثل في إطلاق الهند موجة من الصواريخ استهدفت ثلاث قواعد جوية داخل الأراضي الباكستانية، من بينها قاعدة "نو خان" الجوية الواقعة في مدينة روالبيندي، قرب العاصمة إسلام آباد.

أكدت محطة "جيو" التلفزيونية الباكستانية أن الصواريخ الهندية استهدفت مواقع عسكرية حساسة في توقيت اعتبرته دوائر المراقبة الأمنية في باكستان بالغ الخطورة، خاصة في ظل تزامنه مع ذكرى عملية "كارجيل" التي تشهد عادة توتراً إعلامياً بين الجارتين، وأشارت المحطة إلى أن السلطات الباكستانية بادرت فوراً بتفعيل خطط الطوارئ الجوية وإصدار تعليمات بإخلاء الممرات الجوية فوق عدة مناطق استراتيجية في البلاد، تحسباً لأي هجمات إضافية أو ردود فعل انتقامية.

التصعيد الأخير يأتي امتداداً لحالة التوتر المتصاعدة منذ الهجوم الذي وقع في مدينة باهالغام بالجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير، الشهر الماضي والذي أودى بحياة عدد من عناصر القوات الهندية، وقد سارعت نيودلهي حينها إلى توجيه أصابع الاتهام لإسلام آباد بدعم جماعات مسلحة تنشط في المنطقة، بينما نفت باكستان هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة ومبنية على دوافع سياسية".

منذ ذلك الحين شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تدهوراً متسارعاً، تجلى في تبادل بيانات شديدة اللهجة، وتعليق أنشطة دبلوماسية مشتركة، بالإضافة إلى تقارير عن تحركات عسكرية على جانبي خط السيطرة الفاصل في كشمير، كما تأثرت حركة الطيران في كلا البلدين، إذ شهدت الرحلات الجوية توقفاً متقطعاً، وجرى تحويل عدد من الرحلات الدولية إلى مسارات بديلة.

يأتي إغلاق المجال الجوي في وقت حساس تمر به المنطقة، حيث يحذر مراقبون من أن استمرار التوتر دون تدخل دولي قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية أوسع نطاقاً، خصوصاً في ظل امتلاك البلدين لترسانات نووية، وفي حين لم يصدر رد رسمي فوري من الجانب الهندي حول الهجوم الصاروخي المزعوم، فإن المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية دعا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لمنع تفاقم الوضع، وحث الأمم المتحدة على إرسال لجنة تحقيق مستقلة إلى مواقع القصف لتقييم حجم الانتهاكات.

حتى اللحظة لا يزال المجال الجوي الباكستاني مغلقًا، في انتظار ما ستؤول إليه الساعات المقبلة، وسط حالة من الترقب الحذر تخيم على الأجواء السياسية والأمنية في جنوب القارة الآسيوية، بينما تبقى عيون العالم متجهة نحو كشمير، نقطة التوتر الأقدم والأخطر في تاريخ الصراع بين الهند وباكستان.