تواصل الهيئة العامة للغذاء والدواء جهودها المكثفة استعدادًا لموسم حج عام 1446هـ، حيث تعمل بشكل استباقي لضمان أعلى معايير السلامة والجودة الغذائية للحجاج القادمين من مختلف أنحاء العالم لأداء الفريضة، وفي إطار خطتها الشاملة، نفذت الهيئة أكثر من 300 زيارة ميدانية للمصانع الغذائية الواقعة تحت رقابتها في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهما المنطقتان اللتان تشهدان الكثافة الأكبر في الحركة خلال موسم الحج.
وخلال هذه الجولات الرقابية، كشفت الهيئة عن تفاوت واضح في مستويات الالتزام بين المنشآت الخاضعة للتفتيش، حيث أظهرت بعض المصانع مستوى عالٍ من الامتثال للأنظمة واللوائح الفنية المعتمدة، ما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الالتزام بالتعليمات التنظيمية التي وضعتها الهيئة، في حين تم ضبط عدد من المنشآت المخالفة التي لم تستوفِ الاشتراطات الصحية والفنية، وتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقها وفقًا لما تقتضيه اللوائح.
إقرأ ايضاً:ترامب يفرض حظر سفر.. ماذا عن مشجعي الدول المستهدفة في المونديال؟رغم الرسوم الجمركية المرتفعة.. الشركات الأميركية تتمسك بسوق الصين
هذه الجولات لم تقتصر فقط على التفتيش وتحرير المخالفات، بل تميزت كذلك بتركيزها على الجانب التوعوي، حيث حرص مفتشو الهيئة على تقديم التوجيهات والإرشادات للعاملين في المنشآت حول أهم الممارسات التي ينبغي اتباعها أثناء عمليات التصنيع الغذائي، بما يعزز من ثقافة الامتثال ويقلل من نسب المخالفات مستقبلًا.
وفي سياق موازٍ، تواصل الهيئة العامة للغذاء والدواء جهودها في تشجيع المنشآت على الانضمام إلى مبادرة "التقييم الذاتي"، وهي إحدى المبادرات الرائدة التي تهدف إلى غرس مفهوم الرقابة الذاتية داخل بيئة العمل الغذائي، وتمكّن هذه المبادرة المنشآت من رصد وتصحيح أي حالات عدم مطابقة للمعايير الصحية من تلقاء نفسها، قبل أن تتسبب في مشاكل تؤثر على صحة المستهلكين أو تؤدي إلى تعرض المنشأة لعقوبات.
وتعد هذه الخطوة تطورًا مهمًا في فلسفة العمل الرقابي التي تنتهجها الهيئة، إذ تسعى من خلالها إلى الانتقال من دور الرقيب الصارم إلى الشريك الموجه، بهدف بناء منظومة رقابية فعّالة قائمة على التعاون والمسؤولية المشتركة بين مختلف الجهات المعنية، كما تُسهم المبادرة في تعزيز جاهزية المصانع والمنشآت الغذائية لاستقبال موسم الحج، وهو ما يعكس اهتمام الهيئة بتوفير بيئة غذائية آمنة تسهم في الحفاظ على صحة ضيوف الرحمن.
وتأتي هذه الجهود ضمن خطة شاملة وضعتها الهيئة لضمان تقديم أفضل الخدمات الرقابية خلال موسم الحج، وهي خطة تتسم بالتكامل والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية، وتؤكد هذه التحركات حرص المملكة على الارتقاء المستمر بخدماتها المقدمة لضيوف الرحمن، وترسيخ مكانتها العالمية في مجال إدارة الحشود وتنظيم التجمعات الكبرى، ليس فقط على المستوى اللوجستي، بل كذلك فيما يخص الصحة والسلامة العامة.
وفي ظل تزايد أعداد الحجاج عامًا بعد عام، تبقى الرقابة الغذائية والصحية أحد أبرز التحديات التي تواجهها المملكة، إلا أن الهيئة العامة للغذاء والدواء من خلال أدواتها الرقابية الحديثة ومبادراتها الذكية، تواصل إثبات جاهزيتها وقدرتها على الاستجابة لأي طارئ، بما يضمن موسماً حجياً آمناً ومميزاً على كافة الأصعدة.