شراكة سعودية إماراتية

العراق يتجه للطاقة الشمسية بشراكة سعودية إماراتية

كتب بواسطة: محمد صالح |

في خطوة استراتيجية نحو تعزيز استقرار منظومة الطاقة في البلاد، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية اليوم الخميس عن قرب توقيع اتفاقيتين مع شركتي "أكوا باور" السعودية و"مصدر" الإماراتية، لإنشاء خمس محطات طاقة شمسية موزعة على عدد من المحافظات، وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة وطنية شاملة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، لاسيما مع التحديات المتزايدة التي تواجهها البلاد في قطاع توليد الكهرباء.

المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، أوضح أن تناقص كميات الغاز الإيراني المورد إلى العراق أدى إلى خسارة نحو أربعة آلاف ميغاواط من الطاقة، وهو ما انعكس سلباً على ساعات تجهيز المواطنين بالكهرباء، خصوصاً في ظل موجة الحر الشديدة التي تجتاح البلاد في الوقت الراهن، وأشار موسى إلى أن إنتاج الطاقة الحالي يبلغ حوالي 23 ألف ميغاواط، وكان يمكن أن يرتفع إلى 27 ألفاً لو توفرت كميات الوقود اللازمة.

وأكد موسى أن الوزارة عازمة على تجاوز التحديات الحالية من خلال تنويع مصادر توليد الطاقة، مشيراً إلى أن المشاريع المرتقبة للطاقة الشمسية ستنفذ في محافظات البصرة، المثنى، كربلاء، بابل، وذي قار، فضلاً عن محطة كبرى في محافظة النجف الأشرف بقدرة 1000 ميغاواط، وتمثل هذه المشاريع دفعة قوية نحو إدماج الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة الوطني.

وفي إطار الجهود الحكومية لتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية، كشفت وزارة الكهرباء عن توقيع عقود لتحويل 534 مبنى حكومياً إلى العمل بالطاقة الشمسية، وبدأ تنفيذ هذه المبادرة من القصر الحكومي، كخطوة رمزية تؤكد التزام الحكومة بتبني حلول مستدامة ومراعية للبيئة.

كما تضمنت خطة الوزارة إجراءات عملية لدعم المواطنين مباشرة، إذ تم إطلاق قروض ميسرة لشراء منظومات الطاقة الشمسية المنزلية، بفائدة منخفضة لا تتجاوز 2.5%، مع إمكانية السداد على مدى سبع سنوات، وتم تنفيذ هذه الخطوة بالتعاون مع البنك المركزي العراقي وعدد من المصارف المحلية، في مسعى لتمكين المواطنين من التكيف مع التحديات الكهربائية بأسلوب اقتصادي ومستدام.

أما على مستوى التعاون الإقليمي، فقد أشار موسى إلى أن الربط الكهربائي مع الأردن وتركيا دخل الخدمة فعلياً، مما يعزز من مرونة الشبكة الكهربائية وقدرتها على مواجهة الطلب المتزايد، ومن المرتقب أن يستكمل الربط الخليجي عبر الكويت قريباً، وهو ما سيتيح تزويد محافظة البصرة بالطاقة ضمن إطار خطة متكاملة لضمان استقرار التيار الكهربائي في البلاد.

وتأتي هذه التحركات في وقت حساس يشهد فيه العراق تزايداً ملحوظاً في الطلب على الكهرباء، لا سيما خلال فصل الصيف، حيث تتجاوز درجات الحرارة مستوياتها الطبيعية، وتُثقل كاهل منظومة الكهرباء الوطنية، وتُعد مسألة تأمين الوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد من أبرز التحديات التي تواجه وزارة الكهرباء، في ظل اعتمادها الكبير على الغاز المستورد.

في ضوء هذه التطورات، تبدو ملامح التحول الطاقي في العراق أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، حيث تتجه الدولة إلى عقد شراكات إقليمية مع شركات ذات خبرة واسعة في مجال الطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الخطوات أن تعزز من قدرة العراق على تأمين احتياجاته من الكهرباء بشكل مستدام، مع تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية وتقليل البصمة الكربونية.