مجمع الملك سلمان

السعودية تدمج السياحة بتعليم العربية في مبادرة رائدة للناطقين بغيرها

كتب بواسطة: حسن بكري |

في إطار جهوده لتعزيز حضور اللغة العربية عالمياً، أعلن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية عن إغلاق باب التسجيل في النسخة الثانية من برنامج "الانغماس اللغوي" بدفعتيه الخامسة والسادسة، ويعد هذا البرنامج من المبادرات الرائدة التي تهدف إلى تقديم تجربة تعليمية متكاملة للناطقين بغير العربية، تجمع بين تعليم اللغة والتفاعل الثقافي والاجتماعي، في بيئة سعودية أصيلة تدمج المتعلّم في أنماط الحياة اليومية المحلية، وتفتح أمامه نوافذ لفهم المجتمع السعودي وثقافته عن كثب.

يرتكز البرنامج على مسارين رئيسيين، هما المسار الثقافي المخصص للمستوى المتوسط (B1) وفق الإطار الأوروبي لتعليم اللغات، ويعنى بتطوير مهارات التواصل اللغوي لدى المشاركين من خلال بيئة تعليمية وتطبيقات ميدانية، والمسار السياحي الذي يستهدف المبتدئين (A1)، حيث يتم دمج المحتوى اللغوي بأساليب حياتية يومية وسياحية تساعد على التعلّم الطبيعي للغة داخل سياقها، ويُنفذ البرنامج داخل المملكة بما يتيح للدارسين اختبار اللغة في مواضعها الواقعية، وتكوين علاقات تواصل حقيقية مع بيئة ناطقة بالعربية.

ويُظهر حجم التفاعل مع النسخة الحالية من البرنامج مدى الاهتمام المتزايد عالمياً بتعلُّم العربية، حيث تلقّت بوابة التسجيل 1081 طلبًا من متقدمين ينتمون إلى 69 جنسية مختلفة، ما يعكس تنوعًا ثقافيًا ولغويًا ثريًا، ويؤكد على دور المملكة المتنامي كمركز دولي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وقد استفاد من النسخ السابقة للبرنامج 60 مشاركاً يمثلون 32 جنسية، توزعوا بالتساوي بين المسارين الثقافي والسياحي، وهو ما يمنح البرنامج بعدًا دوليًا يضاف إلى أهميته التربوية.

المرحلة التالية، كما أعلن المجمع، تتمثل في مراجعة دقيقة للطلبات المقدمة، وفق معايير علمية دقيقة تراعي المؤهلات الأكاديمية، والمهارات اللغوية، وتوصيات الجهات التعليمية المرتبطة بالمتقدمين، ومن ثمّ سيتم التواصل مع المقبولين لإبلاغهم بقبولهم وتزويدهم بالإرشادات اللازمة عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية، بما يضمن استعدادهم الكامل لخوض هذه التجربة التعليمية والثقافية.

ويُعد هذا البرنامج امتداداً لرؤية شمولية يتبناها مجمع الملك سلمان، تهدف إلى تمكين اللغة العربية دوليًا ليس فقط كأداة تواصل، بل كمدخل للحضارة والمعرفة والتفاهم الثقافي، إذ لا يكتفي البرنامج بالتدريب اللغوي داخل الفصول، بل يعمد إلى الدمج العملي للغة في مجريات الحياة اليومية للمشاركين من خلال التفاعل مع البيئة المحلية، وزيارة المواقع الثقافية، والمشاركة في فعاليات مجتمعية وسياحية، مما يعزز مهارات النطق والفهم، ويربط التعلم بالسياق الواقعي للغة.

ويأتي تنظيم هذا البرنامج في سياق دعم مستهدفات رؤية المملكة 2030، وخصوصًا محور تنمية القدرات البشرية، حيث يعمل المجمع على ابتكار طرق جديدة لنشر اللغة العربية وتعليمها بطرق تتماشى مع أحدث الاتجاهات العالمية في تعليم اللغات، كما يسهم البرنامج في بناء جسور معرفية مع المؤسسات الدولية المعنية بتعليم العربية، ويُشجع التبادل الثقافي واللغوي بين المملكة والعالم.

من الجدير بالذكر أن برنامج الانغماس اللغوي لا يقتصر على الجانب اللغوي فقط، بل يمثل نموذجًا للتبادل الحضاري والثقافي بين الشعوب، ما ينعكس في تصميم أنشطته التفاعلية التي تتنوع بين الجولات السياحية، والورش الثقافية، والدروس اللغوية التخصصية، كما يكرّس البرنامج دور المملكة كمركز عالمي للغة العربية، قادر على تأهيل ناطقين جدد بها بطرق تعليمية حديثة، ومناهج تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

بهذا الإنجاز، يواصل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية أداء رسالته في خدمة اللغة العربية ونشرها، ويعزز مكانته كمؤسسة مرجعية في تعليم العربية للناطقين بغيرها، من خلال مبادرات عملية تؤسس لتعليم نوعي يحترم خصوصية المتعلم، ويراعي تنوع الثقافات والاحتياجات، ويمنح اللغة العربية امتداداً حيّاً في عوالم غير عربية.