في مأساة أثارت مشاعر الحزن والأسى في الأوساط السعودية والتركية على حد سواء، أُعلن اليوم عن العثور على جثة الطفل السعودي فيصل الشيخ، الذي كان قد فُقد قبل أيام بعد سقوطه في أحد أنهار ولاية طرابزون شمال شرقي تركيا، كما أن فرق الإنقاذ التركية تمكنت من العثور على جثمان الطفل في نهر هالديزن، وذلك بعد جهود بحث استمرت لساعات طويلة منذ لحظة وقوع الحادثة المؤلمة.
وأشارت محافظة طرابزون، في بيان رسمي صدر عنها، إلى أن فرق الإنقاذ تمكنت من تحديد موقع الجثة على عمق بلغ 2.2 متر تحت سطح مياه نهر هالديزن، الذي يُعد أحد أبرز معالم الجذب السياحي في المنطقة، وتضمّن البيان أن عمليات البحث لم تتوقف منذ اللحظات الأولى للإبلاغ عن الحادثة، في مشهد يعكس مدى حساسية القضية وتفاعل السلطات المحلية مع تفاصيلها.
الطفل فيصل، الذي لم يتجاوز سنوات عمره القليلة، كان في رحلة سياحية رفقة أسرته إلى ولاية طرابزون، تلك الوجهة المحببة للعديد من العائلات الخليجية خلال مواسم العطلات الصيفية، ووفقًا لروايات شهود العيان، فقد وقع الحادث عندما اقترب فيصل من حافة النهر بهدف شرب الماء، قبل أن تنزلق يده من قبضة والده ويسقط في مجرى النهر سريع الجريان، الذي جرفه على الفور وسط حالة من الذهول والصدمة التي خيمت على المكان.
عقب الحادثة مباشرة، سارعت سفارة المملكة العربية السعودية لدى أنقرة إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة، حيث أعلنت في بيان عبر حسابها الرسمي على منصة "X" (تويتر سابقاً) أنها باشرت على الفور التواصل مع أسرة الطفل، كما فتحت قناة تنسيق مباشر مع السلطات التركية المختصة، وأضافت السفارة أن الجانب التركي أبدى تعاوناً سريعاً واستثنائياً، حيث بدأت فرق الإنقاذ والدفاع المدني عمليات تمشيط واسعة لمجرى النهر والمناطق المحيطة به باستخدام تقنيات متطورة وغواصين محترفين.
واستمرت عمليات البحث المكثفة لعدة ساعات، شارك فيها عشرات العناصر من فرق الطوارئ والإنقاذ التركية، مدعومين بطائرات مسيرة وغواصين مزودين بأجهزة رصد تحت الماء، كما فُرضت إجراءات أمنية في محيط المنطقة السياحية لضمان سلامة الزوار ومنع الاقتراب من مواقع البحث، في وقت كانت فيه مشاعر القلق والحزن تخيم على السياح والعاملين في المكان.
وتمكنت فرق البحث في نهاية المطاف من تحديد موقع جثة الطفل على عمق تجاوز المترين، في نقطة تبعد قرابة عدة أمتار من مكان سقوطه الأول، ونُقلت الجثة إلى الجهات المختصة لإتمام الإجراءات القانونية والطبية المعتادة، وسط مشاعر من الحزن العميق التي خيمت على أسرة الطفل وأفراد الجالية السعودية في تركيا.
وتعد منطقة نهر هالديزن من الوجهات السياحية الشهيرة في طرابزون، حيث تجتذب سنوياً آلاف الزوار من داخل تركيا وخارجها، لما تتميز به من مناظر طبيعية خلابة وأجواء معتدلة في فصل الصيف، إلا أن تضاريسها الجبلية ومجاريها المائية المتعرجة تُشكل خطراً على الزوار، خصوصاً الأطفال، ما يطرح تساؤلات متجددة حول سبل تعزيز إجراءات السلامة في تلك المواقع السياحية.
هذه الحادثة المؤلمة أعادت إلى الواجهة ضرورة توعية الزائرين، خصوصاً العائلات التي تصطحب أطفالها، بمخاطر الاقتراب من الأنهار دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، كما شدد ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أهمية توفير حواجز أمان في المواقع القريبة من المجاري المائية، وتوفير لوحات تحذيرية واضحة بلغات متعددة للزوار الأجانب، وبينما خيم الحزن على السعوديين إثر هذه الفاجعة، تعالت الدعوات للطفل فيصل بالرحمة، ولعائلته بالصبر والسلوان.