ترامب

ترامب يطلق برنامج "الترحيل الطوعي": رحلة مجانية ومكافأة مالية للمغادرين

كتب بواسطة: رولا نادر |

في خطوة غير مسبوقة وتثير الكثير من الجدل على الساحة السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يطلق عبره برنامجًا فيدراليًا جديدًا للترحيل الذاتي، يهدف إلى دفع المهاجرين غير الشرعيين لمغادرة البلاد طوعًا مقابل حوافز مالية وتسهيلات لوجستية تشمل تذاكر سفر مجانية، وهذه الخطوة التي وُصفت بأنها "سياسية صارمة بوجه إنساني"، تأتي في وقت حساس يتزايد فيه الضغط على ملف الهجرة، ويشتد فيه الاستقطاب بين أطراف المشهد السياسي الأميركي.

ترامب، الذي لم يتردد في استخدام لغة مباشرة عبر منصته "تروث سوشال"، أعلن أن "المهاجرين غير الشرعيين الذين يبقون في أميركا سيواجهون عقوبات تشمل الترحيل المفاجئ، في الوقت والمكان وبالطريقة التي نختارها"، وهذه الرسالة كانت موجهة مباشرة إلى ما يقدر بملايين الأشخاص الذين يعيشون داخل الولايات المتحدة دون أوراق قانونية، في إشارة واضحة إلى نية الإدارة الحالية تطبيق سياسة "صفر تسامح" بحقهم، ورغم الطابع الطوعي الذي يبدو عليه البرنامج، فإن التهديدات المصاحبة له قد توحي بغير ذلك.

ولم يكتف ترامب بالنص المكتوب، بل أرفق منشوره بفيديو قصير يظهر فيه موجهًا حديثه للمهاجرين بقوله: "ما دمتم لن تبقوا هنا، يمكنكم الذهاب إلى أي مكان تريدون"، وهذه اللهجة التي تخلط بين الصرامة والتهكم، أثارت موجة من الانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان، التي وصفت البرنامج بأنه "غطاء ناعم لترحيل قسري".

من جانب آخر، وعد ترامب بتقديم مكافأة مالية تُصرف لكل شخص يوافق على مغادرة الولايات المتحدة بشكل دائم، وأوضح لاحقًا أن من يرفض الانخراط في هذا البرنامج الطوعي قد يواجه إجراءات صارمة تشمل السجن والغرامات المالية والمصادرة الكاملة للممتلكات، إلى جانب الترحيل "في الزمان والمكان والطريقة التي نحددها"، بحسب تعبيره.

هذا الطرح المتشدد يعيد إلى الأذهان سياسات الهجرة التي انتهجها ترامب خلال ولايته السابقة، والتي تركزت على بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وتشديد الرقابة على تأشيرات الدخول، وتقييد برامج اللجوء، ويبدو أن إدارته تعمل الآن على ترسيخ هذه السياسات كجزء من حملة انتخابية مبكرة تهدف إلى استقطاب القاعدة الشعبية المحافظة التي تنظر إلى ملف الهجرة باعتباره تهديدًا للأمن القومي والاقتصاد الأميركي.

في ذات السياق، صرحت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أن وزارتها ستشرف على تنفيذ البرنامج من خلال منصة إلكترونية خاصة تدعى "سي بي بي هوم"، تتيح تتبع عودة الأشخاص إلى بلدانهم، وأكدت أن كل من يتم التحقق من مغادرته للولايات المتحدة سيحصل على مكافأة مالية تصل إلى ألف دولار، وهذا النوع من البرامج، وإن بدا لأول وهلة اقتصاديًا وفعالًا من حيث التكلفة، إلا أن العديد من النقاد يشككون في فعاليته الحقيقية على أرض الواقع.

التحركات الأخيرة تأتي ضمن حزمة واسعة من السياسات المتشددة التي بدأت مع إعلان حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة في يناير الماضي، حيث منحت الوكالات الفيدرالية صلاحيات واسعة لتكثيف عمليات الترحيل وتقييد دخول المهاجرين بوسائل قانونية، ومن أبرز القرارات التي صاحبت ذلك إلغاء تطبيق "CBP One"، الذي كان يعد بمثابة نافذة قانونية للمهاجرين لدخول البلاد بطريقة منظمة.

وتثير هذه الإجراءات تساؤلات كبيرة حول مدى التزام الولايات المتحدة بالمبادئ الإنسانية التي طالما رفعتها، خصوصًا أن العديد من المهاجرين غير النظاميين هم من طالبي اللجوء الفارين من الاضطهاد أو العنف في بلدانهم الأصلية، ورغم أن البرنامج يحمل شعار "رحلة جميلة"، إلا أن طابعه الإجباري المبطن يثير شكوكًا حول نواياه الحقيقية.

الجدير بالذكر أن هذا البرنامج يأتي أيضًا في سياق حملة إعلامية واضحة تستهدف تحفيز الرأي العام الداخلي، وتصوير ترامب على أنه الزعيم الحازم القادر على حماية الحدود واستعادة ما يراه "سيادة الدولة"، في وقت يواجه فيه انتقادات متزايدة على أكثر من صعيد داخلي ودولي.