اختتمت العاصمة العُمانية مسقط أمس الأحد الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الملف النووي، وسط تفاؤل حذر من الجانبين رغم استمرار الخلافات الجوهرية، حيث وصف الجانب الإيراني نتائج المحادثات بأنها "صعبة ولكن مفيدة"، فيما اعتبرها مسؤول أمريكي رفيع المستوى "مشجعة" مع الاتفاق على مواصلة المباحثات والتركيز على القضايا الفنية في جولات قادمة، مما يشير إلى استمرار المسار التفاوضي رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الطرفين.
وتأتي هذه المحادثات امتداداً لمسار طويل من المفاوضات النووية بدأت بتوقيع اتفاق تاريخي عام 2015 بوساطة عُمانية، قبل أن تعود الأزمة للواجهة بانسحاب واشنطن من الاتفاق عام 2018، ومنذ ذلك الحين جرت أربع جولات متتالية من المفاوضات غير المباشرة، بدأت الأولى في 12 أبريل الماضي بمسقط ووصفت بأنها إيجابية وبناءة، ثم عقدت الجولة الثانية في 19 أبريل بروما، تلتها الجولة الثالثة في 26 أبريل مجدداً بمسقط التي أقرت خلالها طهران بوجود "خلافات جدية للغاية" بين الجانبين، لتأتي الجولة الرابعة الأخيرة لتقدم بعض المؤشرات الإيجابية رغم استمرار التباينات في المواقف الأساسية.
وتتمحور نقاط الخلاف الرئيسية حول مستويات تخصيب اليورانيوم والمنشآت النووية الإيرانية، إذ أكدت طهران تمسكها بحقها في تخصيب اليورانيوم واستمرار برنامجها النووي السلمي، معتبرة ذلك "إنجازاً وطنياً لا يمكن التنازل عنه"، مع إبداء مرونة نسبية بالإشارة إلى إمكانية خفض مستويات التخصيب "للمساعدة في بناء الثقة"، في المقابل شددت واشنطن على أن مستوى تخصيب اليورانيوم المتقدم يشكل "خطاً أحمر" لا يجوز تجاوزه، مطالبة بنزع أو تفكيك المنشآت الرئيسية للتخصيب في إيران، وهو ما ردت عليه طهران برفض قاطع معتبرة أن دعوات تفكيك منشآتها النووية "غير مقبولة" على الإطلاق.
وبرز الدور العُماني كوسيط فاعل في هذه المفاوضات، حيث أشاد وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي بما تحقق في الجولة الرابعة، معتبراً أن المحادثات طرحت "أفكاراً مفيدة ومبتكرة" تعكس رغبة مشتركة للتوصل إلى اتفاق "مشرف" يرضي جميع الأطراف، وقد ظهر تفاؤل أمريكي أيضاً عندما أعلن مسؤول رفيع أن المفاوضين اتفقوا على "المضي قدماً في المحادثات ومواصلة العمل على الجوانب الفنية"، فيما أكد البوسعيدي أن عقد الجولة الخامسة سيكون بعد التشاور مع قيادات الطرفين، مما يؤكد استمرارية مسار الحوار رغم الصعوبات والتحديات التي تعترضه.
وفي ظل غياب اتفاق نهائي حتى الآن، يرى محللون أن التقدم الحقيقي لن يتحقق إلا بتقديم ضمانات حقيقية من الجانبين وإبداء حسن نية عملية على أرض الواقع، محذرين من أن التصريحات الإعلامية المتضخمة قد تعرقل سير المحادثات وتعقد فرص التوصل لحلول، وقد لخص الباحث العُماني يوسف البلوشي الموقف بقوله إن "الطرفين لم يحققا اختراقاً بعد"، مضيفاً أن الوصول لاتفاق قد يستغرق وقتاً طويلاً، لكنه استدرك بتفاؤل حذر: "لكنني متفائل بإمكانية إحراز تقدم على المدى الطويل"، فيما تتجه الأنظار الآن نحو الخطوات القادمة المتمثلة في المشاورات الفنية والدبلوماسية التي ستحدد مسار الجولة الخامسة المرتقبة.