في ظاهرة فلكية لافتة تجذب اهتمام العلماء والمهتمين بالفضاء، أعلنت الجمعية الفلكية بجدة عن رصد كويكب جديد يحمل الرمز (2025 ME90)، تم اكتشافه مؤخرًا ويتجه نحو الأرض في مسار قريب نسبيًا، دون أن يشكل أي تهديد.
ووفقًا للتقديرات، يبلغ قطر هذا الكويكب حوالي 150 مترًا، ومن المقرر أن يمر بالقرب من الأرض يوم السبت 6 يوليو 2025، على مسافة تُقدّر بنحو 478 ألف كيلومتر، أي ما يعادل تقريبًا 1.25 مرة المسافة التي تفصل الأرض عن القمر، وهو ما يجعله أحد أبرز الأجسام الفضائية التي تمر بالقرب من كوكبنا خلال هذا العام.
إقرأ ايضاً:بعد فوز الهلال على مانشستر سيتي .. مكافأة مليونية لكل نجم وتفاصيل مثيرةمن يخطف عون السلولي؟ .. صراع مشتعل بين النصر ونيوم
وتعود بداية قصة الكويكب إلى يوم الجمعة 28 يونيو 2025، حين التقطت محطة الرصد البصرية التابعة لشبكة ATLAS-TDO في هاواي أولى الصور له، في عملية رصد دقيقة مكنت من إدراجه بسرعة ضمن قائمة الأجسام القريبة من الأرض التي يديرها مركز الكواكب الصغيرة.
وخلال أقل من 48 ساعة، ساهمت أكثر من 26 محطة فلكية حول العالم في متابعة الكويكب، مما ساعد بشكل كبير على تحديد مداره بدقة عالية.
وقد تُوّج هذا الجهد العلمي بإصدار النشرة الرسمية MPEC 2025-M152 يوم 30 يونيو، في توقيت تزامن مع "اليوم العالمي للكويكبات"، حيث تم التأكيد على طبيعة الكويكب وتصنيفه كجرم متوسط الحجم، وهو نوع من الأجسام التي تُعد قادرة نظريًا على التسبب بأضرار في حال اصطدامها بكوكب الأرض.
وقد صرح المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أن البيانات التي تم تحليلها من قبل مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" تشير إلى أن أقرب نقطة سيصل إليها الكويكب من الأرض ستكون على بعد 478,800 كيلومتر.
ورغم أن هذه المسافة تُعد ضئيلة بمعايير الكون الواسع، فإن العلماء أكدوا أن مرور الكويكب لن ينطوي على أي خطر فعلي، إذ لا توجد احتمالات لأي تصادم خلال هذا العبور الحالي، بحسب الحسابات الدقيقة التي أجراها مركز الكواكب الصغيرة.
الكويكب (2025 ME90) ينتمي إلى فئة الأجرام القريبة من الأرض، وهي فئة تُتابع عن كثب من قبل الهيئات الفلكية العالمية نظرًا لإمكانية تأثيرها على الكوكب في حال حدث اقتراب شديد.
ورغم المخاوف التي قد تثيرها أخبار مثل هذه في الأوساط العامة، فإن هذا العبور بالذات يُعتبر فرصة علمية مميزة، حيث يتيح للعلماء فرصة مراقبة كويكب متوسط الحجم وهو يمر على مسافة مثالية للرصد باستخدام الوسائل البصرية والرادارية المتقدمة.
ووفقًا للمعلومات الصادرة عن الجمعية، فإن الكويكب يدور حول الشمس في مدار إهليلجي غير دائري، تصل أبعد نقطة فيه إلى أكثر من 1.3 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية تساوي المسافة بين الأرض والشمس)، ويُتم هذا الكويكب دورة كاملة حول الشمس كل 1.64 سنة أرضية.
ويتميز هذا المدار بزاوية ميل تُقدر بحوالي 11.3 درجة، وهي زاوية غير تقليدية تجعل من الكويكب عابرًا لمستوى مدار الأرض بزوايا تعتبر نادرة نسبيًا في الحسابات المدارية.
ومع هذا الاقتراب المتوقع، فإن علماء الفلك يستعدون لرصد الكويكب باستخدام التلسكوبات الأرضية الكبيرة، حيث سيكون مرئيًا لفترة محدودة ضمن سماء الليل، خاصة في المواقع البعيدة عن التلوث الضوئي.
ويتوقع أن تكون عملية الرصد أكثر وضوحًا بفضل حجم الكويكب ومدى انعكاس الضوء على سطحه، وهو ما يجعل من هذه الظاهرة مناسبة نادرة لمراقبة كويكب متوسط الحجم بهذه الدقة وبهذا القرب.
إضافة إلى ذلك، فإن مرور الكويكب يشكل فرصة لإجراء عمليات رصد راداري من خلال مراصد متخصصة مثل مرصد غولدستون التابع لوكالة ناسا، والذي يمتلك الإمكانيات اللازمة لتصوير سطح الكويكب بدقة عالية.
ومن خلال هذه التقنية، يمكن للعلماء التعرف على شكل الكويكب، وطبيعة سطحه، وكذلك حساب فترة دورانه حول نفسه، وفي حال وُجدت أقمار صغيرة مرافقة له، فإن هذه المراصد ستكون قادرة على كشفها أيضًا، ما يضيف أبعادًا جديدة للفهم العلمي لهذه الأجسام السماوية.
ويُنظر إلى مثل هذه الأحداث ليس فقط باعتبارها فرصًا للرصد، بل أيضًا كتجارب تعليمية وتوعوية تهدف إلى تعزيز الوعي العام بمخاطر الكويكبات وأهمية مراقبتها بشكل دوري.
ففي السنوات الأخيرة، ازدادت الجهود الدولية لرصد وتتبع الأجرام القريبة من الأرض، كجزء من استراتيجية أوسع لحماية الكوكب من أي تهديدات فلكية محتملة، وإن كانت نادرة الحدوث.
ويؤكد العلماء أن اليقظة المستمرة والرصد المبكر يمثلان خط الدفاع الأول في مواجهة أي مفاجآت قد يحملها الفضاء في المستقبل.