أعلنت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية عن إطلاق المنصة الوطنية للقبول الموحد تحت اسم "منصة قبول"، والتي تُعد واحدة من المبادرات الاستراتيجية الرامية إلى تسريع عملية التحول الرقمي في قطاع التعليم العالي، وتوحيد إجراءات القبول في الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة على مستوى المملكة، ويأتي هذا الإعلان ليعكس توجه الحكومة السعودية نحو رقمنة الخدمات التعليمية بما يحقق العدالة في فرص التعليم العالي، ويُسهم في تسهيل وصول الطلاب والطالبات إلى خيارات أكاديمية تتناسب مع قدراتهم وميولهم.
المنصة الجديدة، التي يمكن الوصول إليها عبر الرابط www.uap.sa، تسعى إلى تقديم تجربة قبول جامعي أكثر مرونة وشفافية من خلال واجهة موحدة ومتكاملة، تُمكن الطالب من استعراض الخيارات المتاحة وتحديد التخصصات بناءً على بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وتعتمد المنصة على أدوات ذكية لمساعدة المتقدمين على اتخاذ قرارات مبنية على مؤشرات علمية، ما يسهم في خفض نسبة التحويل أو الانسحاب من التخصصات لاحقًا.
ويمتد نطاق المنصة ليشمل 28 جهة تعليمية حكومية، بينها 26 جامعة سعودية، إضافة إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وكذلك برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي "مسار إمداد" لمرحلة البكالوريوس، وتعد هذه الخطوة الأولى من نوعها على مستوى المملكة في توحيد بوابة القبول الجامعي على هذا النطاق الواسع، بما يُعزز من قدرة الدولة على توجيه الطلبة نحو التخصصات المطلوبة في سوق العمل.
تكمن أهمية هذه المبادرة في قدرتها على معالجة العديد من التحديات السابقة التي واجهها الطلاب وأولياء أمورهم عند التقديم للجامعات، سواء من حيث تكرار الإجراءات، أو تضارب البيانات، أو نقص الشفافية في معايير القبول، ومن خلال منصة "قبول"، أصبحت كافة عمليات التقديم والمفاضلة والمعالجة مؤتمتة وتخضع لمعايير موحدة تُطبق على الجميع دون استثناء، ما يعزز مبدأ العدالة التعليمية ويمنح الفرص بشكل متساوٍ للجميع.
وفي سبيل ضمان جودة الخدمات المقدمة عبر المنصة، عملت وزارة التعليم على تكاملها مع عدد من الجهات الحكومية، من بينها وزارة الداخلية، ومركز المعلومات الوطني، وهيئة تقويم التعليم والتدريب، وغيرها من الجهات المعنية بتوفير البيانات الرسمية، بما يضمن موثوقية المعلومات واسترجاعها من مصادرها المعتمدة، وهذا التكامل يُسهم في تسهيل عمليات التحقق من الهوية والبيانات الأكاديمية، ويرفع من كفاءة العمليات الإدارية المرتبطة بالقبول الجامعي.
وتُعد منصة "قبول" أداة حيوية لصنّاع القرار في قطاع التعليم العالي، حيث توفر تحليلات وبيانات لحظية عن حجم الطلبات، ومستوى التنافس على التخصصات، ومدى استيعاب الجامعات، ما يعزز من جودة التخطيط المستقبلي وإدارة المقاعد الدراسية بفعالية، كما يمكن استخدامها لمراقبة مؤشرات الأداء في أنظمة القبول، وتقييم مدى توافق نتائج القبول مع الأهداف الوطنية المتعلقة بالتنمية البشرية.
وأوضحت الوزارة أن المنصة تُشكل نقلة نوعية في ربط منظومة التعليم العالي باحتياجات سوق العمل، إذ تتيح للطلبة الاطلاع على فرص التوظيف المرتبطة بالتخصصات المختلفة، من خلال تقارير تحليلية ومعلومات مهنية يتم تحديثها باستمرار، وبهذا، لم تعد عملية القبول مجرد تسجيل، بل أصبحت تجربة شاملة لبناء مستقبل مهني مدروس يبدأ من لحظة اختيار التخصص.
تأتي هذه المبادرة ضمن مسار التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة في قطاع التعليم، وبما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تضع في صلب أهدافها تعزيز الكفاءة والإنتاجية، وتحسين جودة التعليم، وتوفير بيئة تعليمية محفزة على الإبداع والتطوير، كما تسعى إلى تسخير التكنولوجيا لتقليص الفجوات الجغرافية والإجرائية بين المناطق المختلفة، وتوفير تجربة تعليمية موحدة وعادلة لكافة المواطنين.