شهد موسم حج 1446هـ نجاحًا صحيًا استثنائيًا، أكدت خلاله وزارة الصحة السعودية قدرتها على إدارة واحدة من أكبر التجمعات البشرية في العالم دون تسجيل أي تفشيات وبائية أو طوارئ تهدد الصحة العامة، وأعلنت الوزارة تقديم ما يقارب 200 ألف خدمة صحية متكاملة لضيوف الرحمن، وسط بيئة صحية آمنة وفرتها المنظومة الصحية بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى، ضمن إطار رؤية المملكة 2030 وبرامجها التحولية الطموحة.
هذا النجاح جاء نتيجة لاستعدادات مبكرة وخطط تشغيلية دقيقة شملت جميع محاور الرعاية الطبية، الوقائية منها والعلاجية، ما مكّن الحجاج من أداء مناسكهم في أجواء من الطمأنينة والأمان الصحي، وقد تم تفعيل آليات الرقابة الوبائية في جميع النقاط الحيوية، بما في ذلك المنافذ الحدودية والمطارات والمراكز الصحية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
إقرأ ايضاً:حاسوب عملاق يكشف مفاجآت مونديال الأندية من يتوج باللقب؟الخطر يقترب: رياح شديدة وموجة حر تثير الإنذار في 8 مناطق سعودية!
وبحسب الإحصائيات الرسمية، استقبلت المراكز الصحية المنتشرة في مناطق الحج أكثر من 109,511 حاجًا قدمت لهم خدمات طبية متنوعة، فيما تعاملت أقسام الطوارئ مع 42,949 حالة طارئة باحترافية وسرعة استجابة عالية، وعلى صعيد التدخلات الطبية المتقدمة، أجريت 29 عملية قلب مفتوح، إلى جانب 311 قسطرة قلبية، ما يعكس جاهزية الكوادر والتجهيزات الطبية المتخصصة في التعامل مع الحالات الحرجة.
وفي إطار التحول الرقمي، لعب مستشفى الصحة الافتراضي دورًا محوريًا في تقديم الرعاية عن بعد، حيث استفاد منه 10,430 حاجًا، بينما قُدمت 9,001 استشارة طبية عبر الهاتف، ما خفف من الضغط على المنشآت الطبية، ووسع من نطاق الخدمات المقدمة في الوقت الفعلي دون الحاجة إلى انتقال المرضى.
كما ساهم مركز الاتصال الموحد (937) بدور فاعل في تعزيز التواصل مع الحجاج، حيث تلقى أكثر من 27,784 مكالمة، تراوحت بين طلبات الاستفسار والدعم الصحي، ما يعكس مدى فعالية قنوات الدعم المخصصة لضيوف الرحمن، ومن جهة أخرى نُفذت أكثر من 1،47 مليون خدمة وقائية عبر المنافذ الحدودية والمطارات، شملت الفحص الحراري والتطعيمات والتقييمات الطبية السريعة، ضمن منظومة الاستجابة الوقائية الشاملة.
وأكدت وزارة الصحة أن موسم الحج هذا العام كان بمثابة نموذج يُحتذى به في كيفية إدارة الحشود وتقديم الرعاية الصحية الشاملة في بيئة مزدحمة ومعقدة، وقد تحقق هذا النجاح من خلال التكامل التام بين مختلف القطاعات، واستباق الأحداث من خلال التدخلات الوقائية المبنية على دراسات تحليل المخاطر، والاعتماد على أفضل الممارسات العالمية في الصحة العامة.
وتُعد نتائج هذا الموسم ثمرة لتكامل الجهود بين برامج التحول الصحي وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، اللذين يهدفان إلى تحسين جودة الحياة والخدمات في المملكة، وتقديم تجربة استثنائية للحجاج، فبفضل البنية التحتية المتطورة، والكوادر البشرية المدربة، والتقنيات الرقمية المتقدمة، تمكّنت المنظومة الصحية من تقديم خدمات ذات كفاءة عالية في وقت قياسي، الأمر الذي ساهم في تعزيز سمعة المملكة كمركز رائد في تنظيم الشعائر الدينية الكبرى.
إن تحقيق موسم حج بلا تفشيات صحية يُعد إنجازًا طبيًا وإنسانيًا في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالأمراض المعدية، ويعكس قدرة المملكة على تحويل التحديات إلى قصص نجاح يُشاد بها دوليًا، خاصة في ظل أعداد الحجاج المتزايدة سنويًا، والمتطلبات الصحية المتنامية التي تصاحب هذا النمو.