أسهمت سرعة التدخل الطبي ضمن منظومة الرعاية العاجلة في المملكة العربية السعودية في إنقاذ حياة حاجة كاميرونية بعد تعرضها لتوقف مفاجئ في عضلة القلب، وذلك أثناء خضوعها لتدخل طبي طارئ لعلاج جلطة قلبية حادة بمدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة، هذه الحادثة التي كادت أن تتحول إلى مأساة إنسانية، تحوّلت إلى قصة إنقاذ مُلهمة بفضل التكامل التقني والطبي ضمن النموذج السعودي للرعاية الصحية، والذي أثبت مجددًا فعاليته في التعامل مع الحالات الحرجة.
وبحسب التفاصيل التي أعلنها تجمع مكة المكرمة الصحي، فقد تم استقبال المريضة المحوّلة من مستشفى منى الوادي، بعد أن أظهرت فحوصاتها إصابة حادة بانسداد في الشريان الأمامي النازل، وهو أحد الشرايين الأساسية التي تغذي عضلة القلب، وأثناء التجهيز لإجراء القسطرة القلبية لفتح الشريان المسدود، توقف قلب المريضة عن العمل بشكل مفاجئ، ولم تنجح محاولات الإنعاش القلبي الرئوي اليدوي في إعادة النبض، ما استدعى اتخاذ قرار طبي حاسم لإنقاذ حياتها.
إقرأ ايضاً:الوزارة: لا عمل في الهواء الطلق بين 12 و3 عصرًاالهلال يلاحق النصيري بعرض كبير بعد فشل صفقتي أوسيمين وجيوكيريس
في لحظة فارقة، قرر الفريق الطبي استخدام تقنية "إمبيلا"، وهي مضخة قلبية صناعية دقيقة ونادرة تُستخدم لدعم الدورة الدموية في الحالات القلبية الحرجة، تم إدخال المضخة مباشرة إلى الشريان الأورطي، حيث تولّت ضخ الدم من القلب إلى الجسم بمعدل يصل إلى 3.5 لترات في الدقيقة، ما ساهم بشكل مباشر في استمرار تغذية الدماغ والأعضاء الحيوية بالدم، وأتاح الوقت الكافي للفريق الطبي لمواصلة العلاج وفتح الشريان المسدود دون مضاعفات إضافية.
قاد هذا التدخل النوعي نخبة من الاستشاريين المتخصصين في قسطرة القلب، يتقدمهم الدكتور سعد بن دخيل الله الحساني، والدكتور عبدالله غباشي، وبتعاون وثيق من فريق التخدير الذي لعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على استقرار المؤشرات الحيوية طوال فترة التدخل، إضافة إلى الطاقم التمريضي الذي أظهر كفاءة عالية في تجهيز الجهاز وتنفيذ الإجراءات بدقة واحترافية، ما ساعد في تسريع مراحل العلاج وإنجاح العملية المعقدة.
استمرت المضخة الصناعية في أداء دورها الحيوي لمدة ثلاثة أيام، وهي فترة حرجة في مثل هذه الحالات، حتى بدأت عضلة القلب تستعيد وظائفها بشكل تدريجي، وبعد التأكد من تحسن مؤشرات القلب ووظائفه الحيوية، قام الفريق بإزالة الجهاز بنجاح، ووفق ما أعلنه التجمع الصحي، فإن المريضة الآن في طور التعافي، دون تسجيل أي مضاعفات تُذكر، في نتيجة طبية تُعد إنجازًا بكل المقاييس.
ما يميّز هذه الحالة ليس فقط التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة، بل أيضًا سرعة التنسيق بين مستشفيات المشاعر المقدسة والمراكز الطبية المتخصصة في مكة، وهو ما يعكس كفاءة البنية التحتية الصحية التي أعدّتها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن، خصوصًا في موسم الحج، حيث يتطلب الأمر استعدادًا عاليًا للتعامل مع طيف واسع من الحالات الطارئة.
ويبرز هذا الإنجاز الطبي في سياق الاهتمام المتزايد الذي توليه المملكة لتعزيز أنظمتها الصحية عبر نموذج الرعاية الصحية الجديد، والذي يركّز على التخصصية، والجاهزية، والتدخل المبكر، ويؤكد نجاحه في تقليص معدلات الوفيات في الحالات الحرجة، وتحقيق نسب تعافٍ مرتفعة حتى في أعقد الظروف.
إن قصة الحاجة الكاميرونية تمثل أكثر من مجرد حالة إنقاذ، بل هي نموذج ملهم للتكامل بين الإنسان والتقنية في ميدان الطب، ودليل عملي على أن الاستثمار في الكفاءات والتجهيزات المتطورة يمكن أن يُترجم إلى إنجازات حقيقية تنقذ الأرواح، وتبعث برسالة أمل وثقة لكل من يفد إلى أرض الحرمين لأداء مناسكه، بأن صحته وسلامته تحت رعاية طبية لا تُضاهى.