في إنجاز تشغيلي يعكس الجاهزية المتقدمة والبنية التحتية المتينة، أعلنت شركة المياه الوطنية عن توزيع أكثر من 45 مليون متر مكعب من المياه لضيوف الرحمن في مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة خلال موسم حج هذا العام 1446هـ، لتشكل هذه الأرقام دلالة واضحة على الجهود المبذولة لضمان استمرارية الخدمة بكفاءة عالية في واحدة من أكثر الفترات ضغطًا على المنظومة الخدمية في المملكة.
وأكدت الشركة أن معدل ضخ المياه بلغ ذروته ابتداءً من الأول من شهر ذي القعدة، حيث استمر تزويد منطقة الحرم المكي والمشاعر المقدسة بالمياه على مدار 24 ساعة دون انقطاع، وهو ما ساعد في تلبية الطلب المتزايد بسبب كثافة أعداد الحجاج، هذا الاستعداد التشغيلي لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة تخطيط محكم واستراتيجية متكاملة بدأت قبل أشهر من انطلاق الموسم.
إقرأ ايضاً:بين الحلم والواقع.. السعودية تصارع أستراليا لحجز بطاقة المونديالالهلال يبدأ اتصالاته مع نونيز.. وعيون الجماهير تترقب الحسم
وشملت خدمات المياه المقدمة توزيعها بشكل منظم إلى مختلف الشبكات الحيوية، بما في ذلك الشبكات العامة في مكة والمشاعر، ودورات المياه المخصصة للحجاج، إضافة إلى خطوط التغذية الخاصة بأنظمة تكييف الخيام في مشعر منى، والتي تُعد من المكونات الأساسية لراحة ضيوف الرحمن، كما لم تغفل الشركة الجوانب المتعلقة بالسلامة، حيث جرى تزويد شبكات وخزانات إطفاء الحريق التابعة للدفاع المدني بالكميات المطلوبة من المياه، تعزيزًا لمعايير الحماية المدنية.
أما على صعيد المعالجة، فقد أوضحت الشركة أن كميات المياه المعالجة خلال الموسم تجاوزت 33،4 مليون متر مكعب، وهو رقم يعكس حجم الجهود في التعامل مع المياه المستعملة، وضمان إعادة تدويرها وفقًا للمعايير البيئية المعتمدة، بما يسهم في حماية الموارد وتقليل الأثر البيئي لأضخم تجمع بشري سنوي في العالم.
ولم تكتف الشركة بضمان الإمداد والمعالجة فقط، بل أولت جانب الجودة اهتمامًا خاصًا، حيث أجرت أكثر من 100 ألف فحص مخبري على عينات المياه خلال موسم الحج، في إطار برنامج رقابي صارم يستهدف التأكد من سلامة المياه وصلاحيتها للاستخدام البشري، وهو ما يُعزز من الثقة العامة في الخدمات المقدمة، لا سيما في أوساط الحجاج القادمين من دول متعددة تختلف فيها معايير المياه.
وأشارت شركة المياه الوطنية إلى أن موسم الحج هذا العام مرّ دون تسجيل أي معوقات تُذكر في إدارة أعمالها، ما يدل على كفاءة الطواقم الميدانية، والتكامل مع الجهات الأخرى، وقدرتها على التعامل مع التحديات الطارئة بسرعة ومرونة، ويأتي ذلك في وقت يتطلب فيه موسم الحج مستوى عاليًا من التنسيق والتخطيط، خصوصًا مع العدد الهائل من الحجاج الذي يفرض ضغوطًا لوجستية ضخمة.
هذا النجاح لا يعني انتهاء المهمة، بل يمثل بداية للاستعداد المبكر لموسم حج العام القادم 1447هـ، حيث أكدت الشركة أنها بدأت فعليًا في التجهيزات التشغيلية والفنية لتكرار هذا الأداء المتميز، مع التركيز على التحسين المستمر ومراجعة ما تحقق من نتائج في هذا الموسم، بما يضمن المزيد من التطوير وتحقيق أفضل مستويات الخدمة لضيوف الرحمن.
وتواصل المملكة عبر مثل هذه الجهود تقديم نموذج يحتذى به في إدارة الحشود والخدمات العامة خلال المناسبات الكبرى، حيث يتم تسخير التكنولوجيا المتقدمة، والكوادر الوطنية المؤهلة، والشراكات بين القطاعات، من أجل هدف أسمى يتمثل في خدمة الحجاج وتيسير أدائهم للمناسك بأمان وراحة، وفي قلب هذا النموذج، تقف المياه كعنصر حيوي لا غنى عنه، تُدار بدقة علمية ومسؤولية وطنية.