في خطوة جديدة تعكس حرص المملكة العربية السعودية على صحة العاملين وسلامتهم، أعلن وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، المهندس أحمد سليمان الراجحي، عن بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس، وذلك خلال الفترة الممتدة من 15 يونيو إلى 15 سبتمبر 2025، القرار الذي يبدأ سريانه يوميًا من الساعة 12 ظهرًا وحتى 3 مساءً، يأتي في إطار مساعي الوزارة المستمرة لتعزيز بيئة العمل الآمنة في مختلف أنحاء المملكة، خاصة للعمال في القطاعات الميدانية.
هذا الإجراء الذي بات سنويًا وثابتًا في أجندة تنظيم سوق العمل السعودي، يهدف بشكل رئيس إلى تقليل المخاطر الصحية الناتجة عن التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة، وهي الفترة التي تتضاعف فيها احتمالات الإصابة بالإجهاد الحراري وضربات الشمس، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف في المملكة، ويشمل القرار جميع مناطق السعودية دون استثناء، بما فيها المناطق التي قد تكون درجات الحرارة فيها أقل نسبيًا.
إقرأ ايضاً:بفضل الله ثم التقنية.. "إمبيلا" تعيد النبض لحاجة كاميرونية في الحجالهلال يلاحق النصيري بعرض كبير بعد فشل صفقتي أوسيمين وجيوكيريس
الوزير الراجحي أكد، عبر تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في منصة "إكس"، أن تطبيق القرار يتم بالتعاون مع المركز الوطني للسلامة والصحة المهنية، وهو ما يبرز الأهمية التي توليها الحكومة السعودية لمعايير السلامة المهنية وتفعيل الشراكات المؤسسية من أجل حماية العاملين، خصوصًا أولئك الذين تتطلب طبيعة أعمالهم التواجد لفترات طويلة في مواقع مفتوحة ومعرضة لأشعة الشمس المباشرة.
وبحسب الوزارة، فإن القرار يأتي ضمن حزمة أوسع من الإجراءات التي تهدف إلى تحسين بيئة العمل والارتقاء بمستوى الحماية التي يحصل عليها العاملون، سواء من المواطنين أو المقيمين، فالوقاية من المخاطر المهنية لم تعد خيارًا، بل هي سياسة ثابتة تتسق مع رؤية المملكة 2030 في تعزيز جودة الحياة وتحقيق التوازن بين الإنتاجية ورفاهية القوى العاملة.
وتحظى هذه الخطوة بتأييد واسع من الجهات العمالية والحقوقية، التي طالما طالبت بتشديد الإجراءات الوقائية في مواقع العمل المكشوفة، خاصة في مشاريع البناء والصيانة والمقاولات، وتؤكد تقارير صحية أن التعرض للشمس في أوقات الذروة قد يؤدي إلى عواقب صحية وخيمة، من بينها الإصابة بالجفاف، والدوار، والإرهاق، وأحيانًا مضاعفات قد تستدعي التدخل الطبي العاجل، وهي أمور تنعكس سلبًا على الصحة العامة وجودة الأداء في بيئات العمل.
كما أن تنفيذ القرار يعكس التزامًا عمليًا من جانب المملكة بالاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة بالسلامة والصحة المهنية، والتي تشدد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية العاملين في البيئات المناخية القاسية، ويأتي القرار أيضًا في توقيت يتزامن مع تصاعد درجات الحرارة في العالم، حيث باتت الظروف المناخية واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه قطاعات العمل، خصوصًا في الدول ذات الطقس الحار والجاف.
الجدير بالذكر أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تقوم بعمليات رقابة ميدانية مكثفة لرصد أي تجاوزات قد تحدث أثناء فترة تطبيق القرار، مع إتاحة قنوات استقبال البلاغات من المواطنين والمقيمين على حد سواء، وقد دعت الوزارة أصحاب الأعمال إلى ضرورة الالتزام بالقرار وتنظيم جداول العمل وفقًا له، بما يضمن استمرارية الأداء دون الإضرار بصحة العاملين.
تُعد هذه الخطوة امتدادًا طبيعيًا لنهج الإصلاح العمالي الذي تتبناه الحكومة السعودية، والذي لا يقتصر على تحسين الأجور وتنظيم العقود، بل يشمل أيضًا تعزيز المعايير البيئية والصحية في أماكن العمل، وهي رسالة واضحة بأن التنمية الاقتصادية لا تنفصل عن الحفاظ على العنصر البشري، الذي يُعد حجر الزاوية في عملية النمو المستدام.