أبل

هل تتراجع "أبل" أمام "جوجل" و"مايكروسوفت" في سباق الذكاء الاصطناعي؟

كتب بواسطة: رانية كريم |

في مؤتمرها السنوي العالمي للمطورين، حاولت شركة "أبل" الأمريكية أن ترسل رسائل طمأنة إلى مجتمع المطورين، في وقت تواجه فيه واحدة من أكثر المراحل تحديًا في تاريخها، سواء على المستوى التقني أو التنظيمي، وقد بدا واضحًا أن الشركة تسعى لاستعادة زمام المبادرة في سباق الذكاء الاصطناعي، بعد أن سبقتها منافسون كبار مثل "جوجل" و"مايكروسوفت"، حيث عرض هؤلاء في مؤتمراتهم مؤخرًا مجموعة من الابتكارات الجريئة التي جذبت أنظار العالم.

ورغم أن "أبل" كانت قد وعدت منذ عام بمجموعة من الميزات الذكية التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن جزءًا كبيرًا من هذه الوعود تأجل إلى العام المقبل، ومع ذلك، تؤكد الشركة أن هذه التأخيرات لن تؤثر على تجربة المطورين أو فرصهم في ابتكار تطبيقات متقدمة لهواتف "آيفون"، وهو ما يشكل رهانا كبيرا في ظل التنافس الحاد على استقطاب المطورين من قبل عمالقة التكنولوجيا الآخرين.
إقرأ ايضاً:الهلال يبدأ اتصالاته مع نونيز.. وعيون الجماهير تترقب الحسمبعد فشل صفقة أوسيمين.. الهلال يفتح باب التعاقد مع نونيز نجم ليفربول!

التحديات التي تواجهها "أبل" لا تقتصر فقط على بطء تطوير الذكاء الاصطناعي، بل تمتد إلى الساحة التنظيمية أيضًا، حيث تجد الشركة نفسها في مواجهة ضغوط قانونية متزايدة، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا، وتتمحور تلك الضغوط حول سياسات متجر التطبيقات الخاص بها، والتي لطالما منحت "أبل" أرباحًا ضخمة من خلال فرض عمولات مرتفعة على التطبيقات والمشتريات داخلها، لكن هذه السياسات تواجه الآن مراجعة صارمة، وقد تنتهي بتغييرات جذرية تفرضها المحاكم أو الجهات التنظيمية.

في هذا السياق، بدأت بعض الأصوات التي كانت تدافع سابقًا عن نموذج "أبل" في التشكيك في عدالة الرسوم التي تفرضها الشركة على المطورين، في وقت يطالب فيه المستخدمون بحرية أكبر في استخدام التطبيقات وتحميلها من خارج متجر "آبل"، هذه الانتقادات تنذر بتغيرات قريبة قد تمس نموذج أعمال "أبل" بالكامل، وهو ما يشكل مصدر قلق حقيقي بالنسبة لمستثمريها.

ولا تقتصر الضغوط على الداخل الأمريكي أو القارة الأوروبية فقط، بل تصاعدت أكثر بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على هاتف "آيفون" الأكثر مبيعًا، وقد انعكست هذه التهديدات على أداء سهم "أبل"، الذي انخفض بأكثر من 40% منذ بداية العام، في وقت تمكنت فيه "مايكروسوفت" من تحقيق مكاسب كبيرة بفضل استثمارها في الذكاء الاصطناعي، كما لم تتراجع أسهم "جوجل" بنفس القدر الكبير.

ورغم الظروف المعقدة، حرصت "أبل" على استعراض بعض ما حققته في مجال الذكاء الاصطناعي خلال مؤتمرها، حيث أطلقت مجموعة من أدوات الكتابة وتوليد الصور، لكنها لا تزال تعتمد على شركاء خارجيين مثل "أوبن إيه آي"، المطورة لنموذج "شات جي بي تي"، في توفير بعض هذه القدرات، وهو ما يقلل من تفرد "أبل" في هذا المجال مقارنة بمنافسيها.

لكن المفاجأة الأكبر في المؤتمر تمثلت في إعلان "أبل" نيتها فتح نماذجها الداخلية في الذكاء الاصطناعي أمام المطورين هذا العام، في خطوة تهدف إلى استقطاب المبرمجين ومنحهم حرية أكبر في بناء تطبيقات مبتكرة، ووفقًا لمصادر داخل الشركة، فإن هذه الخطوة تمثل تحولًا في سياسة "أبل"، التي عُرفت سابقًا بصرامتها في ما يتعلق بالوصول إلى بنيتها التحتية الداخلية.

ومن أبرز الطموحات التقنية التي تلوّح في الأفق، ما يتم تداوله حول تطوير "أبل" لنموذج ذكاء اصطناعي متعدد الوسائط، قادر على معالجة الصور والصوت واللغة في وقت واحد، وهو ما قد يشكل الأساس لنظام تشغيل نظارات ذكية، وهو مجال حظي بنجاحات كبيرة لشركات مثل "ميتا"، إلا أن المحللين لا يتوقعون أن تكشف "أبل" عن أي مشروع عملي في هذا الاتجاه خلال الفترة الحالية، رغم إلحاح الحاجة الاستراتيجية إليه.

ويرى بن باجارين، الرئيس التنفيذي لشركة "كرييتف ستراتيجيز" الاستشارية، أن "أبل" لا تزال بعيدة عن الوصول إلى المستوى المطلوب لتقديم تجربة تكامل حقيقية بين الذكاء الاصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء، ويضيف: "لا أحاول استبدال هاتفي، بل أبحث عن جهاز مكمل يمنحني سياقًا أوسع للعالم من حولي، يتفاعل معي من خلال الكاميرا واللغة الطبيعية، وهذه نقطة لا تزال تحتاج إلى عمل كبير من جانب أبل".