شهدت أسواق المعادن النفيسة العالمية تحولاً مفاجئاً اليوم، حيث تراجعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تأجيل فرض الرسوم الجمركية المنتظرة على واردات الاتحاد الأوروبي حتى التاسع من يوليو المقبل، في خطوة تهدف إلى منح الطرفين مساحة زمنية إضافية للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل، مما أثار ردود فعل متباينة في الأسواق المالية التي كانت تترقب هذا القرار بحذر شديد.
وانعكست هذه التطورات السياسية فوراً على أداء المعدن الأصفر، حيث انخفضت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة نصف في المائة لتصل إلى 3339.13 دولار للأوقية الواحدة، فيما سجلت العقود الأمريكية الآجلة تراجعاً أكثر حدة بنسبة ثمانية من عشرة في المائة لتستقر عند مستوى 3337.40 دولار للأوقية، وهو ما يعكس حالة عدم اليقين التي تسود أوساط المتداولين والمستثمرين في ظل التقلبات السياسية والاقتصادية الراهنة، خاصة وأن هذا التراجع جاء بعد موجة صعود قوية شهدها المعدن النفيس في الجلسات السابقة.
وكانت أسعار الذهب قد شهدت قفزة كبيرة تجاوزت اثنين في المائة يوم الجمعة الماضي، مدفوعة بمخاوف المستثمرين العميقة من التأثيرات السلبية المحتملة لفرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية، حيث لجأ المتداولون إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن في ظل التوترات التجارية المتصاعدة بين واشنطن وبروكسل، وهو ما يوضح مدى حساسية أسواق المعادن النفيسة للتطورات السياسية والقرارات الحكومية التي قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي، خاصة في ظل الترابط الوثيق بين الأسواق المالية الدولية.
ولم تقتصر التأثيرات على الذهب وحده، بل امتدت لتشمل باقي المعادن النفيسة في السوق العالمية، حيث تراجعت أسعار الفضة بنسبة ثلاثة من عشرة في المائة لتصل إلى 33.36 دولار للأوقية، بينما حقق البلاتين مكاسب طفيفة بنسبة واحد من عشرة في المائة ليصل إلى 1095.90 دولار، كما صعد البلاديوم بنسبة ثمانية من عشرة في المائة ليسجل 1000.83 دولار للأوقية، وهذا التفاوت في أداء المعادن النفيسة يعكس اختلاف العوامل المؤثرة على كل معدن وطبيعة الطلب الصناعي والاستثماري عليه.
ويأتي قرار الإدارة الأمريكية بتأجيل فرض الرسوم الجمركية في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تجنب نشوب حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي، والتي قد تضر بالمصالح الاقتصادية للطرفين وتؤثر سلباً على النمو الاقتصادي العالمي، وتشير التحليلات المتخصصة إلى أن هذا التأجيل يمنح الأسواق فرصة للتنفس والاستقرار النسبي، رغم أن حالة عدم اليقين ستستمر حتى التوصل إلى اتفاق نهائي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مما يعني أن أسواق المعادن النفيسة ستبقى عرضة للتقلبات في الأسابيع المقبلة تبعاً لتطورات المفاوضات التجارية.