الذكاء الاصطناعي

"سدايا" تضع السعودية على الخريطة.. العالمية: المملكة ضمن العشر الأوائل غير الأعضاء في تبني معايير الذكاء الاصطناعي

كتب بواسطة: سعد الحكيم |

انضمت المملكة العربية السعودية رسميًا إلى توصية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن الذكاء الاصطناعي، ممثلةً في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا).

في خطوة تعكس التزامها بالحوكمة المسؤولة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الذكاء التوليدي والعام، في ظل تسارع عالمي لاستخدام هذه التقنيات في شتى القطاعات.
إقرأ ايضاً:ولي العهد السعودي يرحب باتفاق وقف إطلاق النار ويشدد على الحوار الدبلوماسي3 أندية عربية تودع كأس العالم للأندية مبكرًا في النسخة الموسعة بأميركا

هذا الانضمام يضع المملكة ضمن أول عشر دول غير أعضاء في المنظمة تتبنى هذا المعيار الدولي، ويأتي تتويجًا لجهود استراتيجية تقودها «سدايا» لتعزيز مكانة المملكة كلاعب محوري في مشهد الذكاء الاصطناعي الدولي، وبما يتسق مع الرؤية الوطنية الطموحة 2030.

السعودية لم تكتفِ بالانضمام فقط، بل كانت شريكًا فاعلًا للمنظمة في مبادرات نوعية، من أبرزها إطلاق مرصد مخاطر الذكاء الاصطناعي باللغة العربية لمنطقة الشرق الأوسط، خلال القمة العالمية الثالثة للذكاء الاصطناعي التي انعقدت في الرياض، ما يجعلها مركزًا معرفيًا للمنطقة في هذا المجال المتطور.

ويُعد هذا الإنجاز إضافة إلى سجل المملكة الحافل في تبنّي السياسات المتقدمة، إذ صنّف مرصد سياسات الذكاء الاصطناعي التابع للمنظمة المملكة في المرتبة الثالثة عالميًا بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ما يعكس نضج السياسات التقنية في المملكة ومدى التقدم في تبني الذكاء الاصطناعي بوعي واستباقية.

كما كانت المملكة من أوائل الدول التي تبنّت توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لعام 2021، وأكملت تقييم جاهزيتها الذي نُشر رسميًا في ديسمبر 2024، ما يدل على التزام المملكة بمبادئ الشفافية والمساءلة والمسؤولية في استخدام التقنية.

الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» تقود هذه الجهود من خلال نهج شامل يدمج بين الأطر التشريعية والتنظيمية والأخلاقية، ويتضمن شراكات ومبادرات محلية ودولية، مما يسهم في ترسيخ بنية تنظيمية مرنة ومتماسكة للتقنيات الناشئة.

وتسعى «سدايا» إلى ضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي عبر إصدارها لمجموعة من المبادئ التنظيمية، مثل مبادئ الذكاء التوليدي للعموم وللجهات الحكومية، ومبادئ التعامل مع التزييف العميق، إلى جانب إطار تبنّي الذكاء الاصطناعي ونظام حماية البيانات الشخصية.

كما منحت الهيئة اعتمادًا لأكثر من 45 شركة متخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المملكة، بهدف تعزيز موثوقية السوق المحلي، وتوسيع نطاق الابتكار، وبناء منظومة وطنية متكاملة تحفز الاقتصاد الرقمي وتدعم النمو المستدام.

الدور السعودي لم يقتصر على الساحة الوطنية، بل برز عالميًا من خلال مشاركة «سدايا» في الهيئة الاستشارية رفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، والتي تُعنى برسم معالم حوكمة الذكاء الاصطناعي بشكل يخدم الإنسانية ويحقق التوازن بين التطور والمخاطر.

وفي واحدة من أبرز الفعاليات الدولية، استضافت المملكة في الرياض جلسة مشاورات عالمية كبرى حول تقرير «حوكمة الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية»، ما يبرهن على ثقة المجتمع الدولي في قدرة السعودية على قيادة الحوار العالمي في هذا القطاع الحيوي.

نتيجة لتلك المبادرات، تم تدشين المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) تحت مظلة اليونسكو، ومقره الرياض، ليكون منصة بحثية دولية تركز على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال سريع التطور.

ويأتي هذا التوجه الاستراتيجي في إطار سعي المملكة لتأصيل قيم الاستدامة الأخلاقية في الذكاء الاصطناعي، وترسيخ مركزها كدولة رائدة في وضع الأطر الحاكمة للتكنولوجيا على المستويين الإقليمي والدولي.

المركز الجديد يُعد شاهدًا على تحوّل الرياض إلى وجهة عالمية في بحوث الذكاء الاصطناعي، ويؤكد مكانة المملكة كمساهم فاعل في تطوير السياسات العالمية التي تضمن بقاء الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسانية لا العكس.

من خلال هذه التحركات، تثبت السعودية أنها لا تكتفي بتبني التقنيات، بل تسهم في توجيهها، وتشارك في رسم خريطة الطريق العالمية للتعامل مع التحديات الأخلاقية والتقنية للذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع طموحاتها الوطنية ودورها المتنامي في العالم.

في ظل هذا الزخم، تظل المملكة على المسار الصحيح لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، حيث لا تكتفي باستيراد الحلول، بل تصوغ المعايير، وتبادر بالمبادرات، وتبني منظومات مستدامة تراعي التقنية والإنسان معًا.