"برمجان المنورة" .. 6 مسارات ذكية تشعل شرارة التحول الرقمي

كتب بواسطة: بدور حمادي |

يشهد قطاع التقنية في المملكة العربية السعودية تحوّلاً غير مسبوق، ويأتي "برمجان المنورة" كأحد أبرز النماذج على هذا التحول، حيث يُعد منصة متقدمة لتسخير التكنولوجيا في خدمة الإنسان والمكان، ويعكس التزام المدينة المنورة بمواكبة التوجهات الوطنية نحو التنمية الذكية والمستدامة.

ويهدف "برمجان المنورة" إلى إحداث نقلة نوعية في الأداء الخدمي والمعيشي، من خلال ستة مسارات رقمية تم تصميمها بعناية لتعكس احتياجات المدينة ومتطلبات المستقبل، وتتماشى هذه المسارات مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على الابتكار والتحول الرقمي كركيزتين أساسيتين في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر.

إقرأ ايضاً:

مالكوم يُثير الجدل ... تصرف غير أخلاقي يشعل غضب جماهير "الهلال"!كوليبالي يفتح النار ... الهزيمة بهذه الطريقة "عار"!

وفي مسار المتابعة الذكية للخدمات والمرافق، يركّز البرمجان على توظيف الأدوات الرقمية الحديثة لمراقبة وتشغيل المرافق العامة بكفاءة عالية، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات وتقليل الهدر، ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى منظومات تشغيل متقدمة تُدار عبر البيانات وتحاكي أفضل الممارسات العالمية في الحوكمة الحضرية.

ويعكس المسار الخاص بتجربة الزائر توجهاً جديداً في تقديم خدمات سياحية ودينية رقمية متكاملة، تهدف إلى إثراء تجربة الحاج والمعتمر والزائر للمدينة المنورة، حيث تتيح التقنيات الحديثة سهولة التنقل والحجز والوصول للمعلومات، مما يجعل الرحلات الدينية أكثر سلاسة وتنظيماً.

أما في مسار النقل الذكي والتنقل المستدام، فيسعى "برمجان المنورة" إلى إعادة تعريف حركة السكان والزوار داخل المدينة، من خلال استخدام حلول تقنية تقلل من الازدحام المروري وتعزز الاستفادة من شبكات النقل، مع التركيز على تطبيقات التنقل الجماعي والذكي التي تسهم في تحسين جودة الهواء وتخفيف الضغط على البنية التحتية.

ويضع البرمجان الرعاية الصحية الرقمية في مقدمة أولوياته، حيث يشجع على تبني حلول تقنية تتيح الوصول السريع للخدمات الطبية، وتعزز من كفاءة التشخيص والعلاج عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والمنصات التفاعلية، في خطوة تهدف إلى تعزيز صحة الفرد ورفع كفاءة النظام الصحي في المدينة.

وفي إطار التركيز على البنية التحتية الذكية، يسعى البرمجان إلى تطوير منظومة حضرية قائمة على تحليل البيانات الضخمة، لدعم اتخاذ القرار وتحسين كفاءة التشغيل في المرافق والخدمات، ويُتوقع أن تسهم هذه البنية الرقمية في تحقيق وفورات مالية كبيرة ورفع مستوى الأداء المؤسسي.

ولا يغفل "برمجان المنورة" أهمية البيئة، إذ خصص مساراً خاصاً بالتقنية البيئية يُعنى بتوظيف الحلول الذكية في مجالي الطاقة والمياه، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة ويحد من الأثر البيئي، ويعكس هذا التوجّه إدراك القائمين على البرمجان لأهمية حماية الموارد الطبيعية في ظل النمو الحضري المتسارع.

ويمثل البرمجان فرصة ذهبية للمبرمجين والمبتكرين ورواد الأعمال الرقميين للمشاركة في بناء مستقبل المدينة الرقمية، من خلال منصات تفاعلية ومسابقات تحفيزية تستقطب العقول الشابة وتتيح لها تقديم حلول تقنية قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

ويعد "برمجان المنورة" من المبادرات الرائدة التي تجمع بين الجانب الإبداعي والتطبيقي، إذ لا يقتصر دوره على عرض الأفكار بل يتعداها إلى تنفيذ المشاريع النموذجية، مما يعزز من فاعليته كمسرّع رقمي يربط بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع التقني.

وتشهد المدينة المنورة اهتماماً متزايداً بتحقيق التكامل بين الإنسان والتقنية، في إطار مشروعها الشامل للتحول إلى مدينة ذكية تحتضن الابتكار وتحتفي بالمواهب، ويأتي البرمجان كتجسيد لهذا التوجه، حيث يدمج بين القيم الدينية والتقدم التكنولوجي في تجربة حضرية فريدة.

وتسعى الجهات المنظمة للبرمجان إلى خلق بيئة تحفيزية تستوعب الطاقات الشابة، من خلال توفير ورش العمل والندوات والفرص التدريبية، مما يخلق حراكاً رقمياً نشطاً يُسهم في بناء كفاءات محلية قادرة على قيادة مشاريع التحول الرقمي مستقبلاً.

ويشكل التعاون بين القطاعين العام والخاص أحد أعمدة البرمجان، حيث يتم تبادل الخبرات وتنفيذ مشاريع تقنية مشتركة تُثري منظومة الخدمات في المدينة، وتفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد الرقمي المحلي وتخلق فرص عمل في مجالات البرمجة والتحليل والتصميم الرقمي.

ويُتوقع أن تسهم مخرجات البرمجان في تطوير تطبيقات ذكية ذات قيمة مضافة، يمكن تعميمها على مدن المملكة الأخرى، مما يعزز من دور المدينة المنورة كمركز رائد في الابتكار الرقمي والتنمية المستدامة على مستوى المنطقة.

ويُعد "برمجان المنورة" بمثابة منصة متكاملة تجمع بين الرؤية والطموح والتنفيذ، إذ يحمل بين طياته رؤية مستقبلية لمدينة ذكية ترتكز على الإنسان وتُدار بالتقنية، في إطار توازن دقيق بين القيم والابتكار.

ويتوقع المتابعون أن تُسهم المبادرات المنبثقة عن البرمجان في تغيير شكل الحياة اليومية في المدينة، من خلال خدمات رقمية ذكية تُسهّل المعاملات وتُسرّع الإجراءات وتعزّز التفاعل بين المواطن والمؤسسات.

وفي الوقت الذي تتجه فيه المدن العالمية نحو التحول الرقمي، تثبت المدينة المنورة من خلال "برمجانها" أنها تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، مستفيدة من الإرث الحضاري والديني والثروة البشرية لتقديم نموذج متكامل للمدن الذكية ذات الأبعاد الروحية والإنسانية.

وتبقى الفرصة متاحة لكل المهتمين بالتقنية والابتكار للمشاركة في هذا الحدث الرقمي، الذي لا يعكس فقط تطلعات مدينة، بل يُجسّد طموحات وطن بأكمله يسعى للريادة الرقمية والتنمية المستدامة.