وقف الحرب بين باكستان والهند

"بمساعدة سعودية" باكستان والهند تتوصلان لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بوساطة دولية

كتب بواسطة: سعد الحكيم |

في تطور دبلوماسي بارز ينهي أسابيع من التوتر العسكري بين اثنتين من أكبر القوى النووية في جنوب آسيا، أعلن وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار اليوم السبت أن باكستان والهند توصّلتا إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل وفوري، مؤكدًا أن هذا الاتفاق لا يقتصر على جبهة واحدة أو مرحلة زمنية، بل يشمل جميع خطوط التماس، في محاولة جادة لإنهاء التصعيد العسكري المستمر منذ أواخر أبريل، والإعلان جاء بعد جهود وساطة مكثفة شاركت فيها أطراف دولية وإقليمية على رأسها الولايات المتحدة، السعودية، وتركيا، إضافة إلى مساهمات دبلوماسية من نحو ثلاثين دولة أخرى.

وزير الخارجية الباكستاني صرح لقناة إخبارية أن التفاهم تحقق بوساطة الوزير الأميركي ماركو روبيو، وبدعم مباشر من الرياض وأنقرة، مشيرًا إلى أن المفاوضات جرت خلف الكواليس على مدار الأيام الماضية وبلغت ذروتها هذا الأسبوع بعد أن بات خطر اندلاع حرب شاملة شبه مؤكد، وفي منشور رسمي على منصة "إكس"، أكد إسحاق دار أن الاتفاق دخل حيّز التنفيذ بشكل فوري، معتبرا أن بلاده كانت دائمًا تنشد السلام في المنطقة، من دون التنازل عن السيادة وسلامة الأراضي الوطنية.

من الجانب الهندي، أكد وزير الخارجية الهندي مضمون الاتفاق، موضحًا أن بلاده توصّلت مع باكستان إلى تفاهم لوقف العمليات العسكرية، لكنه شدد في الوقت نفسه على موقف نيودلهي الثابت من محاربة الإرهاب بجميع أشكاله، في رسالة واضحة مفادها أن التعاون في ملف الأمن لن يأتي على حساب الموقف الصارم تجاه الجماعات المسلحة، خاصة تلك التي تتهمها الهند بالعمل انطلاقًا من الأراضي الباكستانية.

وينظر إلى هذا الاتفاق كخطوة غير متوقعة جاءت عقب تصعيد خطير شهده إقليم كشمير المتنازع عليه، حيث بدأت الأزمة الأخيرة إثر هجوم دموي في مدينة باهالغام السياحية يوم 22 أبريل، أسفر عن مقتل 26 شخصًا بينهم سياح ومدنيون، وعلى إثر ذلك، اتهمت الهند باكستان بدعم المنفذين، وهو ما نفته إسلام آباد بشكل قاطع، معتبرة أن الاتهامات باطلة وتستهدف خلق مبررات للتصعيد العسكري، والتوتر بلغ ذروته فجر اليوم عندما أطلق الجيش الباكستاني عملية عسكرية أطلق عليها اسم "البنيان المرصوص"، ردًا على غارات جوية هندية استهدفت ثلاث قواعد جوية باكستانية خلال الليل.

فيما بدا أن الطرفين على شفا حرب، سارعت القوى الدولية للتدخل. وكان للرئيس الأميركي دونالد ترامب دورٌ محوري في إعلان وقف إطلاق النار، مؤكدًا في مؤتمر صحفي اليوم أن واشنطن توسطت في محادثات مباشرة وغير مباشرة بين الجانبين، أسفرت عن التوصل إلى وقف شامل وفوري للأعمال العسكرية، وترامب وصف الاتفاق بأنه "انتصار للسلام ومنعطف حاسم في تاريخ جنوب آسيا"، مؤكدًا أن بلاده ستواصل مراقبة الوضع وضمان التزام الطرفين بالاتفاق.

الأوساط الدولية رحبت بهذا الاتفاق، حيث أبدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية دعمها الكامل لمبدأ التهدئة، داعية الطرفين إلى استثمار هذه الفرصة للدخول في مفاوضات سياسية شاملة تضمن حلا دائمًا لقضية كشمير، والتي ظلت بؤرة صراع مزمن منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947.

الشارع في البلدين استقبل الأنباء بتباين؛ ففي باكستان عمّت مشاعر الارتياح مع تخوفات من تكرار سيناريوهات انهيار اتفاقات سابقة، بينما أظهرت وسائل إعلام هندية تحفظًا عامًا، مركزة على ضرورة الربط بين وقف إطلاق النار والتعاون الأمني لمنع تكرار الهجمات، وفي المقابل، اعتبرت أصوات داخل المجتمع الدولي أن تدخل السعودية وتركيا في التهدئة يعكس تحولا في موازين الوساطة الإقليمية، ويعزز من دور العالم الإسلامي في حفظ الاستقرار في جنوب آسيا.

ورغم أهمية هذا الاتفاق، يرى مراقبون أنه لا يمثل سوى خطوة أولى نحو حل مستدام، حيث تبقى جذور النزاع عميقة ومعقدة، ترتبط بتاريخ طويل من العداء القومي، والتنافس السياسي، والصراع على كشمير. فالمطلوب اليوم ليس فقط وقف إطلاق النار، بل صياغة رؤية إقليمية متكاملة تضمن مصالح الجميع، وتحترم تطلعات سكان الإقليم، وتُبعد شبح الحرب النووية الذي لطالما خيم على العلاقات بين الجارتين.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار