في أداء لافت أثار اهتمام المتعاملين في سوق الأسهم السعودية، انفجر سهم شركة المشروعات السياحية "شمس" خلال جلسة اليوم، ليتصدر قائمة الأسهم الأكثر ارتفاعًا في السوق الرئيسية، بعد أن قفز بنسبة قاربت العشرة بالمئة، في انطلاقة قوية جاءت بعد هدوء سعري استمر لجلستين متتاليتين.
وقد أغلق السهم عند مستوى واحد وتسعين هللة، مضيفًا إلى رصيده ثماني هللات، لكن الأهم من المكاسب السعرية كان النشاط غير المسبوق الذي شهده السهم، والذي يعكس عودة الزخم والثقة من قبل المستثمرين في مستقبل الشركة وتوجهاتها الاستراتيجية.
إقرأ ايضاً:
بتقنيات الجيل الخامس.. كيف ساهمت "stc" في إنجاح "كأس العالم للرياضات الإلكترونية"؟عاجل: وزارة التعليم السعودية تسمح للكادر التعليمي في النقل الداخلي بهذه الشروطوشهد سهم "شمس" تداولات ضخمة بلغت قيمتها حوالي مئة وسبعة وخمسين مليون ريال، وهي سيولة عالية تركزت على سهم واحد، حيث تم تداول ما يقارب مئة وستة وسبعين مليون سهم، عبر أكثر من ثلاثة عشر ألف صفقة، في أعلى مستوى نشاط يسجله السهم منذ أكثر من عام.
إن هذا الأداء القوي والمفاجئ قد يبدو محيرًا للوهلة الأولى، خاصة عند النظر إلى النتائج المالية الأخيرة للشركة، التي أظهرت انخفاضًا حادًا في أرباح الربع الأول من عام 2025 بنسبة بلغت ثمانية وثمانين بالمئة، لتصل إلى سبعمئة وستة وعشرين ألف ريال فقط.
وهنا يكمن جوهر القصة، فالسوق لا يتفاعل مع الماضي، بل يتطلع دائمًا إلى المستقبل، ويبدو أن المستثمرين اليوم قد وجدوا في استراتيجية الشركة المستقبلية ما يستحق الرهان عليه، متجاوزين بذلك الأرقام المالية الحالية التي تأثرت بشكل مباشر بهذه الاستراتيجية.
وقد عزت الشركة هذا الانخفاض في الأرباح بشكل مباشر إلى استثمارها الكبير من خلال الاستحواذ على حصة تبلغ ثلاثة وثمانين بالمئة في "صندوق سدكو كابيتال-أجدان فيرمونت"، وهو الاستثمار الذي يمثل نقطة تحول كبرى في تاريخ الشركة.
ففي الربع الأخير من العام الماضي، أعلنت "شمس"، التي لطالما عرفت بإدارتها لمنتجع شاطئ النخيل بالخبر، عن قرار جريء لمجلس إدارتها، باستثمار مبلغ يقارب مئتين وثلاثة وأربعين مليون ريال في صندوق استثماري يهدف إلى تطوير فندق من فئة الخمس نجوم.
وسيتم تشييد هذا الفندق الفاخر في واحدة من أرقى المواقع في مدينة الخبر، وهي منطقة أجدان الواجهة البحرية، على أن يتم تشغليه تحت العلامة التجارية العالمية المرموقة "فيرمونت"، في مشروع استثماري تمتد مدته إلى سبع سنوات قادمة.
إن هذا التحول الاستراتيجي يعني أن "شمس" لم تعد مجرد شركة تدير منتجعًا واحدًا، بل هي في طريقها لتصبح لاعبًا رئيسيًا في قطاع الضيافة الفاخرة، الذي يعد أحد أسرع القطاعات نموًا في المملكة، بالتزامن مع مستهدفات رؤية 2030 الطموحة في قطاع السياحة.
ويبدو أن المستثمرين الذين ضخوا هذه السيولة العالية في السهم اليوم، يراهنون على أن العوائد المستقبلية لهذا الاستثمار الضخم ستكون أضعافًا مضاعفة، وأن التراجع الحالي في الأرباح هو مجرد تكلفة استثمارية مؤقتة، ستؤتي أكلها في السنوات المقبلة.
إن اختيار علامة "فيرمونت" التجارية، وموقع المشروع في واجهة أجدان البحرية، يمنح المشروع قوة كبيرة، ويقلل من المخاطر الاستثمارية، ويوفر أساسًا صلبًا للنجاح، وهو ما يبدو أن السوق قد استوعبه وتفاعل معه بإيجابية بالغة.
إن قصة سهم "شمس" اليوم هي مثال حي على أن الأسواق المالية لا تقرأ الأرقام المحاسبية بشكل مجرد، بل تحاول دائمًا استشراف المستقبل، وتقييم القرارات الاستراتيجية التي تتخذها إدارات الشركات، وتأثيرها على النمو المستقبلي.
في المحصلة النهائية، لم تكن قفزة السهم اليوم مجرد مضاربة عشوائية، بل كانت بمثابة تصويت بالثقة من قبل المستثمرين في الرؤية الجديدة لإدارة الشركة، وإيمانًا بأن شمسًا جديدة أكثر إشراقًا وربحية، قد بدأت تشرق في أفق شركة المشروعات السياحية.