المركز الوطني للأرصاد.

لأول مرة في تاريخ الأرصاد .. فتح باب الترخيص لمهنة كبير راصدين

كتب بواسطة: بدور حمادي |

في خطوة جديدة نحو تنظيم قطاع الأرصاد الجوية في المملكة، أعلن المركز الوطني للأرصاد عن إطلاق خدمة إصدار ترخيص "كبير راصدين"، وهي المهنة المتخصصة التي تتيح للأفراد المؤهلين مزاولة العمل ضمن ضوابط تنظيمية واضحة، تمتد صلاحية هذا الترخيص إلى ثلاث سنوات، ويأتي هذا التحرك في إطار جهود المركز لتأطير المهن المتعلقة بالأرصاد ضمن منظومة احترافية تحكمها معايير علمية دقيقة.

وأكد المركز أن الخدمة موجهة للأفراد من ذوي الصفة الطبيعية، ممن يملكون المؤهلات اللازمة والرغبة في دخول هذا المجال الحيوي، مشيراً إلى أن الترخيص لا يُمنح إلا بشروط صارمة تضمن جودة الأداء وموثوقية البيانات، ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الكفاءة في عمليات الرصد الجوي، والحد من أي ممارسات غير مهنية قد تسيء إلى دقة المعلومات المناخية التي تستند عليها جهات متعددة في اتخاذ قرارات حيوية.

إقرأ ايضاً:

"وجبة فطور يومية وصحية" لكل طالب.. "مجلس الشورى السعودي" يطالب "التعليم" بتطبيق هذا القرار الهاممن السعودية إلى الصومال ... مياه نظيفة وإغاثة كريمة لآلاف النازحين بالصومال!

وأوضح المركز في بيانه أن الحصول على ترخيص "كبير راصدين" لا يخول لصاحبه مزاولة المهنة بشكل مستقل، بل يشترط أن تتم مزاولة المهنة حصراً من خلال منشأة مرخصة رسمياً، وتخضع لإشراف مباشر من المركز، ويأتي هذا الشرط لضمان تكامل منظومة الرصد ومراقبة سير العمل وفق الضوابط الفنية المعتمدة، بما يصب في مصلحة تحسين جودة التوقعات والمخرجات الجوية.

واعتبر المركز أن ترخيص "كبير راصدين" يشكل محوراً رئيسياً في سلسلة مهنية متكاملة، تضم أطرافاً مؤهلة ومدربة وفق معايير موحدة، وتأتي هذه الخطوة لتعكس التحول نحو مأسسة العمل المناخي والرصد الجوي في المملكة، وهو ما يتسق مع التوجهات الحكومية الرامية إلى رفع كفاءة القطاعات الفنية والمعلوماتية الحساسة.

وشدد المركز على أن التصريح المهني لا يجوز استخدامه في غير الغرض الذي منح من أجله، حيث حذر من أي محاولة لاستغلاله في مجالات أخرى أو توظيفه خارج السياق المعتمد، ويهدف هذا التنبيه إلى حماية مصداقية العمل المناخي، وضمان التزام الممارسين بالقواعد الأخلاقية والمهنية التي تحكم هذا التخصص الدقيق.

وأشار المركز إلى أن خدمة الترخيص الجديدة متاحة حالياً عبر منصته الرسمية، حيث يمكن للراغبين في التقديم الإطلاع على تفاصيل الاشتراطات والمتطلبات الفنية، إلى جانب الإجراءات الخاصة بتقديم الطلبات، وذلك ضمن بيئة إلكترونية ميسّرة تتيح للمتقدمين سرعة الوصول إلى المعلومات وإنجاز الإجراءات بسلاسة.

ولفت البيان إلى أن تنظيم المهن المناخية يمثل ركيزة أساسية في بناء منظومة وطنية متقدمة للأرصاد الجوية، تعتمد على الكوادر البشرية المؤهلة والأدوات الفنية المتطورة، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تطويراً في أنظمة المراقبة والرصد، بما يواكب التحولات المناخية ويخدم أهداف التنمية المستدامة في المملكة.

وبيّن المركز أن اعتماد ترخيص "كبير راصدين" لا يقتصر على توثيق المؤهلات العلمية للمتقدمين، بل يتضمن تقويماً مهنياً ومراجعة دقيقة للخبرات السابقة، بهدف انتقاء الكفاءات القادرة على تحمل المسؤوليات المرتبطة بهذا الدور، إذ يعد كبير الراصدين حلقة وصل مركزية بين البيانات المناخية الخام وتحليلها النهائي المستخدم في الإنذارات المبكرة والتقارير الرسمية.

وأكدت الجهة المعنية أن تقديم هذا النوع من الخدمات يعكس حرص المركز على تطوير منظومة الأرصاد الوطنية، بما يعزز موثوقية التنبؤات ويحد من المخاطر الناتجة عن التغيرات الجوية المفاجئة، كما يُنتظر أن يرفع هذا التنظيم من مستوى الوعي العام بأهمية الرصد المناخي ومتابعة مستجدات الطقس بصورة علمية وموثقة.

وفي الوقت ذاته، اعتبر عدد من المراقبين أن هذه الخطوة تفتح المجال أمام الشباب السعودي المؤهل لدخول سوق العمل في قطاع يتسم بالحيوية والتطور، لاسيما مع تزايد أهمية البيانات المناخية في إدارة الأزمات، وتخطيط المدن، ومواجهة التغيرات المناخية المتسارعة، مما يجعل من وظيفة كبير الراصدين مسؤولية عالية تتطلب دقة ومهارة ومعرفة تقنية واسعة.

وتُعد مهنة الرصد الجوي من أكثر التخصصات حساسية وتأثيراً على مختلف القطاعات، سواء في مجالات الطيران، أو الزراعة، أو السياحة، أو حتى إدارة الحشود، لذا فإن ضبط شروط ممارسة هذه المهنة من خلال تراخيص محددة يعد ضرورة ملحة لضمان الاتساق المعلوماتي والاستعداد المبكر للتقلبات المناخية.

ويأتي هذا التوجه أيضاً ضمن رؤية المركز لتكريس مبادئ الشفافية والمساءلة في العمل المناخي، بحيث يتم توثيق كل ممارسة وتقييم أدائها بشكل دوري، وهو ما يفتح الباب أمام تطوير مستمر للكوادر الوطنية العاملة في هذا المجال الحيوي، ويعزز ثقافة الأداء المبني على المعايير.

والجدير بالذكر أن مهنة كبير الراصدين لا تقتصر فقط على تسجيل البيانات، بل تشمل التحليل التفاعلي والتقدير العملي للتغيرات الجوية قصيرة وطويلة الأجل، الأمر الذي يتطلب مهارات متقدمة في قراءة الخرائط المناخية، واستخدام الأدوات التقنية الحديثة، والتواصل مع الجهات ذات العلاقة بفعالية ودقة.

وفي ظل هذه التطورات التنظيمية، يتوقع مراقبون أن تسهم هذه الخطوة في دعم أهداف المملكة في مجال الاستدامة البيئية، والتكيف المناخي، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 ذات الصلة بتطوير الكوادر الفنية الوطنية، واستثمار التقنيات الحديثة في مجالات الرصد والتحليل والتنبؤ.

ويستمر المركز الوطني للأرصاد في تنفيذ مبادرات نوعية تصب في صالح رفع كفاءة الرصد الجوي بالمملكة، ويأتي ترخيص "كبير راصدين" كواحدة من هذه المبادرات الرامية لتأسيس بنية مهنية متماسكة، تشكل نواة لمستقبل أكثر دقة واستباقية في التعامل مع متغيرات الطقس.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه أهمية التنبؤات المناخية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، تسعى المملكة إلى تأهيل جيل من المختصين القادرين على توفير معلومات دقيقة وموثوقة، تسهم في اتخاذ قرارات سليمة في مختلف القطاعات، اعتماداً على معطيات علمية ومهنية مرخصة.

ويمثل إطلاق هذه الخدمة منعطفاً مهنياً كبيراً في قطاع الأرصاد، ويعكس التحول من العمل التقليدي إلى الممارسة المؤسسية المبنية على التخصص والاحتراف، مما يتيح مستقبلاً أكثر تنظيماً ويقلل من التفاوتات المهنية في ممارسة هذا الدور الحساس.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار