تستعد شركة Isomorphic Labs التابعة لـDeepMind والمملوكة لشركة جوجل لإطلاق أولى التجارب السريرية البشرية لأدوية تم تصميمها بالكامل بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في خطوة قد تعيد تشكيل أسس صناعة الأدوية حول العالم من خلال تسريع الابتكار وتقليل التكاليف ورفع كفاءة النتائج.
ويعتمد المختبر في تطوير هذه الأدوية على نظام AlphaFold الذي يُعد من أعظم إنجازات DeepMind حيث تمكّن هذا النظام من التنبؤ بهياكل البروتينات بدقة غير مسبوقة ما جعله أداة محورية في إعادة تصور طرق اكتشاف العلاجات الطبية.
إقرأ ايضاً:
حُسم الأمر .... خيسوس على رأس الجهاز الفني للنصر!ملايين المستفيدين يترقبون.. "حساب المواطن" يحدد "صباح الغد" موعداً لإيداع الدفعة 92وأوضح كولين مردوخ رئيس Isomorphic Labs أن شركته باتت في مرحلة متقدمة من الاستعدادات لبدء التجارب السريرية على البشر مشيراً إلى أن هذه المرحلة تمثل نقلة كبيرة من العمل النظري إلى التطبيقات العملية التي قد تغيّر وجه الطب الحديث.
وأكد مردوخ خلال مقابلة أجرتها معه مجلة "فورتشن" أن الفريق بدأ بالفعل بتوسيع الكوادر العاملة وتهيئة البنية اللازمة للدخول في مرحلة التجريب الإكلينيكي التي يُنتظر أن تكشف الكثير من الإمكانات الحقيقية لهذه التركيبات الجديدة.
وتستهدف الشركة في أبحاثها الأولى تطوير أدوية قادرة على مواجهة الأمراض المعقدة مثل السرطان حيث تأمل في أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى توليد تركيبات دوائية أكثر دقة في الاستهداف وأقل آثاراً جانبية على المريض.
وانطلقت Isomorphic Labs عام 2021 بعد انفصالها عن DeepMind كمختبر متخصص يدمج بين علوم الحوسبة الحيوية وتقنيات التعلم العميق في محاولة لإعادة هيكلة مفهوم تطوير العقاقير التقليدي الذي يستغرق عادة سنوات طويلة وتكاليف ضخمة.
ويعمل النظام المطور AlphaFold على تحليل الطريقة التي تتفاعل بها البروتينات مع جزيئات مختلفة مثل الحمض النووي ومكونات الأدوية وهي معلومات بالغة الأهمية لفهم آلية المرض وتحديد النقاط المثالية لتدخل الدواء.
وتعتبر هذه التطورات نتيجة مباشرة لتراكم خبرات الذكاء الاصطناعي في المجالات العلمية لا سيما في النمذجة الحاسوبية الدقيقة التي تمكنت من اختصار المراحل المخبرية التقليدية الطويلة إلى عمليات برمجية سريعة ومتقنة.
وتأمل Isomorphic Labs أن يؤدي هذا النهج إلى تقليص الفترات الزمنية لتطوير الأدوية الجديدة من سنوات إلى أشهر فقط وهو ما قد يفتح الباب أمام عصر جديد من العلاجات المصممة رقمياً وفقاً لاحتياجات المرضى وخصائصهم البيولوجية الدقيقة.
ويُعد هذا المسار من أكثر التوجهات طموحاً في الصناعة الدوائية حالياً حيث تتلاقى فيه قدرات الذكاء الاصطناعي مع العلوم الطبية الحيوية في منظومة واحدة متكاملة تسعى لحل معضلات معقدة مثل فشل التجارب السريرية وضعف فعالية العقاقير التقليدية.
ويشير باحثون إلى أن هذه المبادرة تمثل نموذجاً لمستقبل صناعة الدواء القائم على البيانات والتحليل الفوري بدلاً من التجريب التقليدي المطوّل والذي غالباً ما يُكلّف الشركات مليارات الدولارات قبل أن يصل الدواء للمريض.
وتسعى جوجل من خلال هذه التجربة إلى ترسيخ موقعها كلاعب رئيسي ليس فقط في قطاع التكنولوجيا بل أيضاً في الصناعات الحيوية والصحية حيث باتت إمكانيات الحوسبة المتقدمة جزءاً لا يتجزأ من الابتكار العلمي.
ويترقب قطاع الأدوية هذه التجارب بترقب بالغ لما قد تحمله من نتائج قد تؤدي إلى تغييرات واسعة في أنظمة الترخيص والإنتاج والتوزيع في حال أثبتت التجارب السريرية سلامة وفعالية الأدوية المطورة بالذكاء الاصطناعي.
ويُتوقع أن تثير هذه الخطوة اهتماماً متزايداً من الجهات التنظيمية وشركات الأدوية العالمية التي قد تدخل في سباق مماثل نحو تبني التقنيات الذكية لتقليص الفجوة الزمنية بين اكتشاف الدواء وطرحه في الأسواق.
وقد تشكّل هذه المرحلة بداية لتحوّل شامل في البنية التحتية للقطاع الطبي لتواكب التحول الرقمي في مجالات كانت حتى وقت قريب تعتمد على المحاكاة المخبرية المحدودة والتجريب المعتمد على الفرضيات فقط.