كشفت دراسة علمية حديثة عن تطور واعد في مجال إدارة آلام الركبة الناتجة عن هشاشة العظام، من خلال استخدام تقنية التحفيز الكهربائي غير الجراحي للعصب المبهم عبر الأذن، وذلك في تجربة تُعد الأولى من نوعها وتفتح آفاقًا علاجية جديدة لواحدة من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا، خاصة لدى كبار السن.
الدراسة التي نُشرت في دورية "Osteoarthritis and Cartilage Open" ونقل تفاصيلها موقع "New Atlas"، أُجريت من قبل فريق بحثي تابع لجامعة تكساس (UTEP)، وسلّطت الضوء على فاعلية وأمان هذه التقنية في التخفيف من حدة الألم دون تدخل جراحي أو تطبيق موضعي مباشر على الركبة.
إقرأ ايضاً:
"وزارة الداخلية" تطلق "أقسى تحذير": السجن 15 عاماً وغرامة مليون ريال لمن يرتكب هذا الفعلفهد الخضيري يوجه 4 نصائح ذهبية لمرضى السكري لتفادي المضاعفاتويُعد العصب المبهم أحد العناصر المحورية في الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، وهو النظام المسؤول عن تحفيز استجابات "الراحة والهضم"، والتي تعمل على تهدئة الجسم وخفض مستويات التوتر، على عكس الجهاز العصبي الودي الذي ينشط استجابات "القتال أو الهروب".
العصب المبهم يمتد من الدماغ ويصل إلى أعضاء حيوية عدة كالقلب والرئتين والجهاز الهضمي، وله دور معروف في تنظيم إشارات الألم داخل الجسم، وهو ما جعل الباحثين يتجهون إلى استكشاف أثر تحفيزه في تخفيف الأعراض المزمنة المرتبطة بهشاشة العظام.
في هذه التجربة التجريبية، استخدم الباحثون تقنية تُعرف بتحفيز العصب المبهم عبر الجلد أو ما يُعرف اختصارًا بـ tVNS، والتي تعتمد على تمرير تيار كهربائي خفيف من خلال الجلد في المنطقة خلف الأذن، حيث يتم توجيه التحفيز نحو الفرع الأذني للعصب المبهم باستخدام جهاز بسيط يُوضع على الأذن.
وتُعد هذه الطريقة آمنة وسهلة الاستخدام، دون الحاجة لأي تدخل جراحي، ما يجعلها خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين يعانون من آلام مزمنة أو لا يتحملون العلاجات التقليدية مثل الأدوية أو العمليات الجراحية.
وأوضح الدكتور كوساكو أوياجي، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ العلاج الطبيعي وعلوم الحركة في كلية العلوم الصحية بجامعة تكساس، أن الدافع وراء البحث جاء من واقع ممارسته السريرية وملاحظته لمعاناة العديد من المرضى من آلام الركبة المرتبطة بهشاشة العظام.
حيث وجد أن خلل التوازن بين الجهاز العصبي الودي واللاودي قد يكون له دور كبير في هذا النوع من الألم، وأن تحفيز العصب المبهم قد يُعيد التوازن ويُسهم في التخفيف من الأعراض.
وأظهرت نتائج الدراسة أن أكثر من ثلث المشاركين سجلوا تحسنًا تجاوز الحد الأدنى المهم سريريًا لتخفيف الألم، وهو مؤشر مشجع على فعالية هذا النوع من العلاج، كما لم تُسجل أي آثار جانبية كبيرة خلال فترة التجربة، مما يعزز من سلامة التقنية وملاءمتها للاستخدام الواسع.
ومن اللافت أن التحسن في الألم لم يكن نتيجة تدخل موضعي على الركبة، بل يُعتقد أن التأثير يعود لتحسن في وظيفة الجهاز العصبي اللاودي أو تعديل آليات معالجة الألم في الجهاز العصبي المركزي.
وأكد الفريق البحثي في ختام دراسته على أهمية إجراء أبحاث موسعة تشمل عينات أكبر وعددًا أكبر من الجلسات مع وجود مجموعة ضابطة، وذلك بهدف التحقق بشكل أعمق من فعالية وسلامة هذه التقنية.
كما شددوا على ضرورة التحكم في العوامل المربكة لتقييم الأثر الحقيقي للتحفيز العصبي كخيار علاجي محتمل لمرضى هشاشة العظام الذين يبحثون عن حلول فعّالة وآمنة بعيدًا عن التدخلات التقليدية.