زيارة ترامب للسعودية

المملكة أولاً: دلالات عميقة لاختيار ترامب الرياض وجهته الخارجية

كتب بواسطة: ليلى حمادة |

في لحظة سياسية بالغة الأهمية، تعكس عمق العلاقات الدولية وأبعادها الاستراتيجية، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليجعل من المملكة العربية السعودية محطته الأولى في زياراته الخارجية للمرة الثانية، ما يُعدّ دلالة رمزية ومعنوية كبرى على مكانة الرياض في الخارطة السياسية العالمية.

هذا القرار لم يأتِ اعتباطاً، بل كما يشير الكاتب الصحفي هاني وفا، رئيس تحرير صحيفة "الرياض"، في مقاله الافتتاحي بعنوان "الزيارة الثانية"، هو تجسيد واقعي لما تمثله المملكة من مكانة كبيرة وثقل دولي واقتصادي، ودور محوري في العالم الإسلامي، إضافة إلى كونها شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة في السعي نحو الأمن والسلام.
إقرأ ايضاً:في هذا الموعد .. إغلاق باب الرغبات التي تتطلب مقابلات واختبارات في الجامعات السعوديةبعد فوز الهلال على مانشستر سيتي .. مكافأة مليونية لكل نجم وتفاصيل مثيرة

يؤكد وفا أن هذا الاختيار يكرس مكانة المملكة كركيزة للاستقرار الإقليمي والدولي، ويعكس الاحترام الأمريكي للدور السعودي في القضايا الدولية، خاصة في ظل الاضطرابات التي يعيشها العالم من حروب ونزاعات نشبت مؤخرًا في الشرق والغرب، وهو ما يجعل من السعودية قاعدة مهمة لنشر ثقافة السلام التي أصبحت ضرورة إنسانية قبل أن تكون سياسية.

كما يشدد وفا على أن الزيارة تم الإعداد لها بعناية من الطرفين، الأمر الذي يؤكد أن هناك أهدافاً استراتيجية يتطلع البلدان إلى تحقيقها عبر تعزيز الشراكة الثنائية، وبناء مرحلة جديدة من العلاقات تفتح آفاقاً أوسع للتعاون.

ويعود وفا إلى جذور العلاقة التاريخية بين الرياض وواشنطن، مشيراً إلى أن الشراكة بين البلدين تعود إلى قرابة قرن من الزمان، بدأت فعلياً في عام 1931، حين منح الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- حقوق التنقيب عن النفط لشركة أمريكية، أعقبها توقيع أول اتفاقية تعاون عام 1933، وبعد ذلك جاء اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عام 1945 على متن البارجة "كوينسي" ليؤسس مرحلة جديدة من التفاهم والشراكة الاستراتيجية التي استمرت لعقود.

ويضيف الكاتب أن هذه العلاقة لم تبقَ محصورة في مجال الطاقة فحسب، بل تطورت لتشمل مجالات متعددة من بينها الاقتصاد، السياسة، الثقافة، والتعليم، ما جعل منها علاقة متشعبة وعميقة، استفاد منها كلا الطرفان، وعلى الرغم من أنها مرت بمراحل مختلفة، إلا أن العلاقة بين البلدين أثبتت مرونتها، وتمكنت من تجاوز العقبات بفضل الأرضية الصلبة التي قامت عليها، ولأن الإيجابيات دائماً ما كانت أكثر من السلبيات، ظل الطرفان متمسكين بمبدأ الشراكة.

واختتم وفا مقاله بتأكيد أن زيارة ترامب للمملكة ليست مجرد زيارة دبلوماسية تقليدية، بل هي مؤشر على الدور الريادي الذي تلعبه السعودية في محيطها الإقليمي والدولي، باعتبارها شريكاً موثوقاً يُعتمد عليه في تحقيق التنمية المستدامة، وترسيخ الأمن والسلام العالميين.

كما أشار وفا إلى أن السعودية اليوم باتت تمثل محوراً مهماً في المعادلة الدولية، وصوتاً متزناً يسعى لتقديم حلول بنّاءة لأزمات المنطقة والعالم، وواجهة حضارية تسعى لنقل نموذجها التنموي إلى دول الجوار والعالم الإسلامي.