في خطوة جديدة تعكس توجه المملكة العربية السعودية نحو تعزيز حضورها الإعلامي في الفضاء الرقمي، دشّن وزير الإعلام، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء السعودية، سلمان بن يوسف الدوسري، منصة الصور السعودية (cc.spa.gov.sa)، التي أطلقتها وكالة الأنباء السعودية "واس" خلال زيارته لفعاليات النسخة الثانية من "ملتقى إعلام الحج"، والمقامة في مركز غرفة مكة المكرمة للمعارض والفعاليات، وسط حضور واسع من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية، وتأتي هذه المنصة لتتيح الوصول المجاني إلى صور موثّقة عالية الجودة، يمكن استخدامها ومشاركتها بموجب رخصة المشاع الإبداعي (CC BY-SA 4.0)، في خطوة تهدف إلى تمكين صناع المحتوى وتعزيز حرية الاستخدام ضمن إطار قانوني يحفظ الحقوق.
هذا الإطلاق يمثل تحوّلًا استراتيجيًا في كيفية تعامل "واس" مع أرشيفها البصري الثري، حيث تسعى الوكالة إلى فتح مكتبتها الرقمية أمام العالم، ما يمنح الإعلاميين، الصحفيين، وصناع المحتوى فرصة فريدة للاستفادة من آلاف الصور الموثقة التي ترصد اللحظات التاريخية والراهنة للمملكة، وأكد رئيس وكالة الأنباء السعودية المكلف، علي بن عبدالله الزيد، أن المنصة الجديدة تمثل امتدادًا لرؤية "واس" في توسيع الأثر الإعلامي والبصري، ووضع أدواتها المتقدمة في خدمة المحتوى الهادف، ضمن بيئة تقنية منظمة تواكب التحولات الإعلامية المعاصرة.
إقرأ ايضاً:صدمة لمستخدمي آبل يوتيوب يودّع أجهزة الآيفون والآيباد القديمة!عيادة أسنان متنقلة في منى خدمة طبية متواصلة على مدار الساعة لضيوف الرحمن!
اختيار مكة المكرمة للإعلان عن المنصة لم يكن تفصيلاً عابرًا، بل يحمل بعدًا رمزيًا عميقًا يعكس أهمية المدينة المقدسة كمركز روحي وإعلامي في آنٍ واحد، ورسالة للعالم بأن المملكة تمضي قُدمًا في تقديم صورتها ومحتواها من قلب أقدس بقاع الأرض، وهذا البعد الرمزي يعزز من مكانة مكة ليس فقط بوصفها مركزًا دينياً، بل باعتبارها أيضًا منصة انطلاق لرؤية المملكة الإعلامية المعاصرة نحو العالم.
المنصة تقدم صورًا عالية الدقة تم تصنيفها بعناية في فئات منظمة، ومرفقة بمعلومات توضيحية دقيقة حول المناسبة، وتاريخ الالتقاط، ما يتيح للجهات الإعلامية سهولة البحث والاستخدام، كما تتميز المنصة بالتحديث المستمر لمحتواها، بما يواكب المشهد المحلي لحظة بلحظة، في مجالات السياسة، الاقتصاد، الثقافة، الدين، والمجتمع، مما يعكس ديناميكية الإعلام الرسمي السعودي وسرعته في توثيق الأحداث وصياغة سرد بصري متطور.
ويبرز من خلال هذه المنصة التوجه الجاد نحو التحول الرقمي الذي تتبناه وكالة الأنباء السعودية، والتي لم تعد تكتفي بتقديم الأخبار عبر القنوات التقليدية، بل تسعى إلى التفاعل مع بيئة الإعلام الرقمي، من خلال أدوات نشر حديثة، تقوم على الشراكة المفتوحة مع جمهورها من المهنيين والهواة على حد سواء، ويمثل ذلك تغييرًا في فلسفة الإعلام الرسمي، حيث لم تعد المعلومات حكرًا على جهة واحدة، بل أصبحت متاحة لكل من يلتزم بالشروط المهنية، ما يعزز من مبدأ الشفافية والانفتاح.
المنصة، التي تدعم اللغتين العربية والإنجليزية، صُممت لتكون بوابة إعلامية عابرة للحدود، يمكن للصحفي في أي مكان في العالم أن يدخلها ويصل إلى صورة دقيقة توثق حدثًا محليًا في السعودية، دون حواجز تقنية أو لغوية، وهو ما يدعم رؤية السعودية بأن تكون رسالتها الإعلامية متاحة بلغات متعددة، وقادرة على التفاعل مع المجتمعات الدولية بلغتها البصرية واللغوية.
ولا تقتصر أهمية المشروع على كونه نقلة في أسلوب عرض المحتوى البصري فحسب، بل يمثل أيضًا مساحة تحفيز للإبداع، من خلال منح الحرية في إعادة استخدام الصور وتوظيفها ضمن معايير قانونية واضحة، حيث تسمح رخصة المشاع الإبداعي بإعادة توزيع وتعديل الصور شريطة النسبة إلى المصدر، ما يخلق توازنًا بين حرية الاستخدام وحفظ الحقوق، وهي خطوة تعزز من مكانة "واس" كمصدر موثوق ومرن في آنٍ واحد.
هذا التوجه يفتح آفاقًا جديدة أمام المحتوى السعودي للانتشار عالميًا، ويعزز من الهوية البصرية للمملكة، في وقت تتزايد فيه أهمية الصورة كمكوّن رئيسي في نقل الرسائل وبناء السمعة الرقمية للدول، فبقدر ما تكون الصورة دقيقة وموثوقة، بقدر ما تكون قادرة على التأثير وخلق الانطباع، وفي هذا السياق، تأتي منصة الصور السعودية كرافد بصري جديد يضع المملكة في قلب المشهد الإعلامي الدولي، بأدوات عصرية، ومضامين تحترم الخصوصية وتخاطب العموم.